للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَيْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ إِلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ الْحَادِي أَوِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ

===

(وميلُ الشافعي رحمه الله إلى أنها ليلة الحادي أو الثالث والعشرين) أما الحادي .. فلما في "الصحيحين" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم، قال: "اعْتكفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ أَلْتَمِسُ هَذ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتكفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ، فَقِيلَ لِي: إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ .. فَلْيَعْتَكِفْ"، فاعتكف الناس، قال: "وَإِنِّي أُرِيْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ، وَإِنِّي أَسْجُدُ فِي صبِيحَتِهَا فِي الطِّينِ وَالْمَاءِ"، فأصبحوا من ليلة إحدي وعشرين، وقد قام إلى الصبح، فمطرت السماء، فوكف المسجدُ، فأبصرتُ الطين والماء، فخرج حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه وأرنبة أنفه فيها الماء والطين (١).

وأما الثالث .. فلما رواه مسلم عن عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَأَرَانِي فِي صَبيحَتِهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ"، قال: فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين، فصلى بنا رسولَ الله صلي الله عليه وسلم، فانصرف، وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه (٢).

وما ذكره المصنف هو نصُّ "المختصر" (٣)، والذي قاله الأكثرون: أن ميله إلى أنها ليلة الحادي والعشرين لا غير، وقال الشيخ أبو حامد والبَنْدَنيجي: إنه مذهب الشافعي، وللعلماء فيها نحو من عشرين قولًا، ذكرها القاضي عياض (٤)، وغيره (٥).


= وفي كتاب "فضائل الأوقات" [ص ٢٦٠ - ٢٦٢] للبيهقي من حديث محمد بن جُحَادة عن أنس رفعه: "مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ؛ حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ .. فَقَدْ أَصَابَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِحَط وَافِرٍ"، قال: وروينا عن عقبة بن أبي الحسناء عن أبي هريرة مرفوعًا: "مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الأَخِيرَةَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ رَمَضَان .. فَقَدْ أَدْرَكَ لَيْلَةَ الْقَدْر"، وعن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: (من شهد العشاء ليلة القدر .. فقد أخذ بحظ منها). اهـ هَامش (أ).
(١) صحيح البخاري (٢٠١٨)، صحيح مسلم (١١٦٧/ ٢١٥).
(٢) صحيح مسلم (١١٦٨).
(٣) مختصر المزني (ص ٦٠).
(٤) إكمال المعلم (٤/ ١٤٨).
(٥) فائدة: ليلة القدر هي التي يفرق فيها كلّ أمر حكيم، وقيل: إنها ليلة نصف شعبان، سميت بذلك؛ لما فيها من الحكم والفصل، وقيل: لعظم قدرها، وعلامتها: لا حارة ولا باردة، وأن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء ليس فيها كثيرُ شعاع. اهـ هامش (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>