للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ فَرْضٌ، وَكَذَا الْعُمْرَةُ فِي الأَظْهَرِ

===

والأحاديث في فضل الحج، وعِظم شأنه، وتمحيصه الذنوبَ .. أكثرُ من أن تُحصر (١).

قال القاضي الحسين هنا: وهو أفضل العبادات؛ لأنه يشتمل على المال والبدن (٢).

(هو فرض) أي: مفروض بالإجماع، وفُرِضَ سنة خمس، كما جزم به الرافعي في الكلام على أن الحج على التراخي (٣)، وقيل: سنة ست، وصححه الشيخان في (كتاب السير) (٤)، وقيل: سنة ثمان، وقيل: سنة تسع، وقيل: قبل الهجرة.

(وكذا العمرة في الأظهر) لما رواه أصحاب "السنن الأربعة" عن أبي رَزين


(١) منها: ما في "صحيح ابن حبان" [١٨٨٧] من حديث ابن عمر مرفوعًا: "إِنَّ لِلْحَاجِّ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ أَنَّ رَاحِلَتَهُ لَا تَخْطُو خُطوَةً إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بهَا حَسَنَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بهَا خَطِيئَة، فَإذَا وَقَفَ بعَرَفَةَ .. فَإِنَّ الله تَعَالَى يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: اُنْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِيَ شُعْثًا غُبْرًا، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ قَطْرِ السَّمَاءِ، وَرَمْلِ عَالِجٍ، وَإِذَا رَمَى الْجمَارَ لَا يَدْري أَحَدٌ مَا لَهُ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا حَلَقَ رَأْسَهُ .. فَلَهُ بكُلِّ شَعْرَةٍ سَقَطت مِنْ رَأْسِهِ نُورَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا قَضَى آخِرَ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ .. خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْم وَلَدَتْهُ أمُّهُ".
ورواه الأزرقي في "تاريخ مكة" [٢/ ٥ - ٦] من حديث أنس بزيادة، وقال: "لَا تَضَعُ نَاقَتُكَ خُفًّا، وَلَا تَرْفَعُهُ إِلَّا كَتَبَ الله لَكُمْ حَسَنَةً، وَمَحَا عَنْكُمْ سَيِّئَةً، وَأَمَّا رَكْعَتَانِ بَعْدَ الطَّوَافِ .. فَعِتقُ رَقَبَةٍ - وزاد في الوقوف -: أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورًا لَكُمْ، ولِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ، وَأَمَّا رَمْيُكَ الْجمَارَ .. فَيُغْفرُ لَكَ بكُلِّ حَصَاةٍ رَمَيْتَهَا كَبيرَةٌ منَ الْكَبَائِر الْمُوبِقَاتِ، وَأمَّا نحْرُكَ .. فَمَذْخُورٌ لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ - وقال في الطوافَ -: وَيَأْتِي مَلَكٌ فَيَضَعُ كَفَّيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْكَ وَيَقُولُ لَكَ: اعْمَلْ لِمَا قَدْ بَقِيَ .. فَقَدْ غُفِرَ مَا مَضى.
وعنِ ابن مسعود رفعه: "مَنْ جَاءَ حَاجًّا يُرِيدُ وَجْهَ الله تَعَالَى .. فَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَشَفَعَ فِيمَنْ دَعَا لَهُ"، ذكره المنذري في "جزئه".
وفيه عن جابر رفعه: "مَنْ قَضَى نُسُكَهُ وَسَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ .. غُفِرَ لَهُ مَا تقدَّمَ مِنْ ذنْبهِ وَمَا تَأَخَّرَ".
وفيه أيضًا عن عائشة رضي الله عنها رفعته: "إِذَا خَرَجَ الْحَاجُّ مِنْ بَيْتِهِ .. كَانَ فِي حِرْزِ الله، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِي نُسُكَهُ .. يُغفرُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبهِ وَمَا تأَخَّرَ، وَإِنْفَاقُ الدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ يَعْدِلُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ الْفٍ فِيمَا سِوَاهُ". اهـ هامش (أ).
(٢) بلغ مقابلة على خط مؤلفه، عفا الله عنه. اهـ هامش (أ).
(٣) الشرح الكبير (٣/ ٢٩٥).
(٤) الشرح الكبير (٣/ ٣٤٠)، روضة الطالبين (٢/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>