للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمْعًا، وَيَقِفُوا بعَرَفَةَ إِلَى الْغُرُوب، وَيَذْكُرُوا اللهَ تَعَالَى وَيَدْعُوهُ، وَيُكْثِرُوا التَّهْلِيلَ،

===

(ثم يصليَ بالناس الظهر والعصر جمعًا) للاتباع؛ كما رواه مسلم في حديث جابر (١)، ويسرّ بالقراءة؛ لأن الأصل الإسرارُ، ولم يُنقل خلافُه، وهو جمع سفر لا نسك على الأصح، فلا يجوز للمقيم.

(ويقفوا) أي: الإمام والناس (بعرفة إلى الغروب) للاتباع (٢)، وعطف الوقوف على المستحبات؛ لقصد إدامةِ الوقوفِ إلى الغروب، ووجوبُ أصلِ الوقوف معلومٌ (٣).

(ويذكروا الله تعالى، ويدعوه، ويكثروا التهليل) لقوله عليه السلام: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْم عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" رواه الترمذي، وحسنه مع الغرابة (٤).

وفي "كتاب الدعوات" للمستغفري من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا: "مَنْ قَرَأَ (قل هو الله أحد) أَلْفَ مَرَّةٍ يَوْمَ عَرَفَةَ .. أُعْطِيَ مَا سَأَلَ" (٥).

ويستحب: رفع اليدين في الدعاء، وأن يقف مستقبلَ القبلة، متطهرًا راكبًا عند الصخرات إلا المرأة، فقال الماوردي: تجلس في حاشية الموقف (٦).

وليحسن الواقف الظنّ بالله تعالى، فقد نظر الفضيل بن عياض إلى بكاء الناس بعرفة، فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل، فسألوه دانقًا، أكان يردهم؟ فقالوا: لا والله، فقال: والله؛ لَلمغفرة عند الله أهونُ من إجابة رجل بدانق.


(١) صحيح مسلم (١٢١٨).
(٢) أخرجه مسلم (١٢١٨).
(٣) بلغ مقابلة على خط مؤلفه، عفا الله عنه. اهـ هامش (أ).
(٤) سنن الترمذي (٣٥٨٥) عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-.
(٥) أورده الهندي في "كنز العمال" (٢٧٣٧)، والمناوي في "فيض القدير" (٦/ ٢٠٣)، وعزياه لأبي الشيخ عن ابن عمر -رضي الله عنهما-.
(٦) الحاوي الكبير (٥/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>