للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ قَوْلِ صَاحِبهِ وَإِثْبَاتِ قَوْلهِ، وَيُبْدَأُ بِالْبَائِعِ -وَفِي قَوْلٍ: بالْمُشْتَرِي، وَفِي قَوْلٍ: يَتَسَاوَيَانِ- فَيتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ، وَقِيلَ: يُقْرَعُ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَكْفِي كُلَّ وَاحِدٍ يَمِينٌ تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَيُقَدَّمُ النَّفْيُ فَيَقُولُ: (مَا بِعْتُ بِكَذَا وَلَقَدْ بِعْتُ بِكَذَا). وَإِذَا تَحَالَفَا .. فالصَّحِيحُ: أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ،

===

ولو اختلفا في عين المبيع فقط .. تحالفا إن كان الثمن مُعيَّنًا، وإن كان في الذمة .. فوجهان في "الروضة" هنا بلا ترجيح، ورجح في الشرح الصغير التحالف (١).

(فيحلف كلٌّ على نفي قول صاحبه وإثباتِ قوله) لما مرّ من كون كلٍّ منهما مدعيًا ومدعىً عليه، فينفي ما ينكره، ويثبت ما يدعيه.

(ويُبدأ بالبائع) ندبًا على الأصح؛ لقوة جانبه؛ لأن ملكه الثمن تمّ بالعقد، ويعود المبيع إليه بالتحالف.

(وفي قول: بالمشتري) لأنه يطالب بزيادة ثمن، والأصل: براءة ذمته عنها.

(وفي قول: يتساويان) لأن كلًّا منهما مدع ومدعىً عليه، فلا ترجيح (فيتخير الحاكم) أي: تفريعًا على هذا؛ كما لو تداعيا عينًا في يديهما .. فإن الحاكم يبدأ بيمين من شاء منهما، (وقيل: يُقرع) كما يقرع بينهما في الدعوى إذا جاءا معًا إلى مجلسه.

(والصحيح: أنه يكفي كلَّ واحد يمين تجمع نفيًا وإثباتًا) لأنه أقرب إلى فصل الخصومة، والثاني: يفرد النفي بيمين، والإثبات بأخرى، لأنه مدع ومدعىً عليه.

(ويُقدَّم النفي) استحبابًا؛ لأن الأصل في الأيمان يمين المدعى عليه (فيقول) البائع: ("ما بعت بكذا ولقد بعت بكذا") ويقول المشتري: (ما اشتريت بكذا، ولقد اشتريت بكذا).

(وإذا تحالفا .. فالصحيح: أن العقد لا ينفسخ) بنفس التحالف، لما رواه النسائي من حديث ابن مسعود: (أنه صلى الله عليه وسلم أمر البائع أن يحلف، ثم يختار المبتاع؛ إن شاء .. أخذ، وإن شاء .. ترك) وصححه الحاكم (٢).


(١) روضة الطالبين (٣/ ٥٧٧).
(٢) سنن النسائي (٧/ ٣٠٣)، المستدرك (٢/ ٤٨)، وأخرجه البيهقي (٤/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>