للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ مَاتَ الْعَاقِدُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ جُنَّ أَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ .. لَمْ يَبْطُلِ الرَّهْنُ فِي الأَصَحِّ. وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُقْبِضِ تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ -لكِنْ فِي إِعْتَاقِهِ أَقْوَالٌ، أَظْهَرُهَا: يَنْفُذُ مِنَ الْمُوسِرِ وَيَغْرَمُ قِيمَتة يَوْمَ عِتْقِهِ

===

(ولو مات العاقد) راهنًا كان أو مرتهنًا (قبل القبض، أو جُنَّ، أو تخمر العصير، أو أَبَقَ العبد .. لم يبطل الرهن في الأصحِّ) أما في الموت .. فلأنه عقد مصيرُه إلى اللزوم؛ فلا يتأثر بالموت قبل لزومه؛ كالبيع في زمن الخيار، فعلى هذا: يتخير وارث الراهن في الإقباض، ووجه مقابله: أنه جائز؛ كالوكالة، والجنونُ مُرتَّب على الموت، فإن قلنا: لا يبطل دمَّ .. فهنا أولى، وإلا .. فوجهان.

وأما في التخمر والإباق .. فبالقياس على ما لو كان بعد القبض؛ لاغتفار ما يقع في الدوام، ووجه مقابله: اختلاله في حالة ضعف الرهن، وعدم لزومه.

والمراد هنا بعدم البطلان بالتخمر، كما نبه عليه الرافعي: هو أن الرهن لا يضمحل أثره بالكلية، قال: وأما البطلان بمعنى: ارتفاع الحكم في مدة التخمر، وعوده بالتخلل .. فإنه ثابت له لو كان بعد القبض على الأصح، فقبله بطريق الأولى (١).

(وليس للراهن المقبض تصرف يزيل الملك) كالبيع ونحوه؛ لأنه لو صحَّ .. لفاتت الوثيقة (لكن في إعتاقه أقوال: أظهرها: ينفذ من الموسر) دون المعسر؛ لأنه عتق يبطل به حقُّ الغير، ففرق فيه بين الموسر والمعسر؛ كعتق الشريك، والثاني: ينفذ مطلقًا؛ كعتق العبد المستأجر، والأمة المزوجة، والئالث: لا ينفذ مطلقًا؛ لأنه حجر على نفسه (٢).

واحترز بقوله: (في إعتاقه) عن الحكم بعتقه لا بإعتاق الراهن له، بل بالسراية؛ كما إذا رهن نصفَ عبده ثم أعتق باقيه .. فإنه يسري إن نفذنا إعتاقه، وكذا إن لم ننفِّذه في الأصحِّ، لكن بشرط اليسار على الأصحِّ.

(ويغرم) الموسر (قيمتَه) جبرًا لحقِّ المرتهن، وتعتبر (يوم عتقه) لأنه يوم


(١) الشرح الكبير (٤/ ٤٨٠).
(٢) فائدة: هذه المسألة التي بحث فيها الشافعي مع فتيان؛ فضرب الشافعيَّ فكان سبب موته. اهـ هامش (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>