للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الإِعْسَارِ فِي الْحَالِ، وَشَرْطُ شَاهِدِهِ: خِبْرَةُ بَاطِنِهِ، وَلْيَقُلْ: هُوَ مُعْسِرٌ، وَلَا يُمَحِّضُ النَّفْيَ كَقَوْلهِ: (لَا يَمْلِكُ شَيْئًا). وَإِذَا ثبًتَ إِعْسَارُهُ. . لَمْ يَجُزْ حَبْسُهُ وَلَا مُلَازَمَتُهُ، بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يُوسِرَ. وَالْغَرِيبُ الْعَاجِزُ عَنْ بَيِّنَةِ الإِعْسَارِ. . يُوَكِّلُ الْقَاضِي بِهِ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ حَالِهِ، فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إِعْسَارُهُ. . شَهِدَ بِهِ.

===

ادعى الإعسار. . ففي "فتاوي القفال": أنه لا يُقبل قوله، إلا أن يقيم بينةً على ذهاب ماله الذي أقر أنه مليء به.

(وتقبل بينة الإعسار) وإن تعلقت بالنفي، لمكان الحاجة؛ كالبينة على أن لا وارث سوى هؤلاء (في الحال) كغيرها.

(وشرط شاهده: خبرة باطنه) بطول جوار، وكثرة مخالطة؛ لأن الأموال تخفى.

(وليقل: "هو معسر"، ولا يُمحِّضُ النفي؛ كقوله: "لا يملك شيئًا") بل يجمع بين نفي وإثبات، فيقول: (هو معسر لا يملك إلا قوت يومه، وثياب بدنه)، كما في "الروضة"، و"أصلها" (١).

وإذا شهدوا على المفلس بالغنى. . فلا بدَّ من بيان سببه؛ لأن الإعدام لمَّا لم يثبت إلا من أهل الخبرة. . كذلك الغنى، قاله القفال في "فتاويه".

(وإذا ثبت إعساره. . لم يجز حبسه ولا ملازمته، بل يمهل حتى يوسر) للآية المارة.

وأفهم: أن المَديون يُحبس إلى ثبوت إعساره، ويستثنى: الآباء والأجداد؛ فإنهم لا يُحبسون بديون أبناءهم على الأصح.

وإذا جاز حبس المَديون. . فللغريم ملازمتُه، لأنها أخفُّ، إلا أن يقول المديون للقاضي: إنه تشُقُّ عليه الطهارة والصلاة بسبب ملازمته فاحبسني فإنه يجاب (٢).

(والغريب العاجز عن بينة الإعسار. . يوكل القاضي به من يبحث عن حاله، فإذا غلب على ظنه إعسارهُ. . شهد به) لئلا يتخلد الحبس عليه.


(١) روضة الطالبين (٤/ ١٣٨)، الشرح الكبير (٥/ ٢٨).
(٢) قال ابن حزم في "المُحلى" [٩/ ١٧]: وللشافعي قولٌ لا يعرفه إلّا حُذّاق أصحابه: أن الحرَّ يُباع في دينه؛ كمذهب عمر، انتهى، وحُكي أن فتيان المالكي ناظر الشافعي في بيع الحرِّ في الدين، فكان الشافعي يقول: يباع، وهو يقول: غريب لا يُعرف. اهـ هامش (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>