للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالرُّشْدُ: صَلَاحُ الدِّينِ وَالْمَالِ، فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَلَا يُبَذِّرُ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ بِاحْتِمَالِ غبْنٍ فَاحِش فِي الْمُعَامَلَةِ أَوْ رَمْيِهِ فِي بَحْرٍ أَوْ إِنْفَاقِهِ فِي مُحَرَّمٍ، وَالأَصَحُّ: أَنَّ صَرْفَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَوُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِحَالِهِ لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ. وَيُخْتبَرُ رُشْدُ الصَّبِيِّ.

===

وأشار بقوله: (وتزيد) إلى أن ما تقدم عام في الذكور والإناث.

(والرشد: صلاح الدِّين والمال) كذا فسر به ابن عباس وغيره قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} (١) (فلا يفعل مُحرَّمًا يُبطل العدالة) هذا تفسير صلاح الدين، والمبطل للعدالة: هو فعل الكبيرة، أو الإصرار على الصغيرة.

واحترز بالمحرم: عما يمنع قبول الشهادة؛ لإخلاله بالمروءة؛ كالأكل في السوق.

(ولا يُبذِّر بأن يضيع المال باحتمال غَبْنٍ فاحش في المعاملة) لأن ذلك يدل على قلة العقل، هذا إذا لم يُرد المحاباةَ، فإن أراد المحاباةَ والإحسان. . فلا، فإن كان الغبن يسيرًا. . لم يقدح، وستعرف الفاحشَ وغيره في (الوكالة).

(أو رميِه في بحر) لدلالته على قلة عقله ودينه، (أو إنفاقه في مُحرَّم) ولو في صغيرة؛ لما فيه من قلة الدين.

ولو قال: (أو ضياعه) بدل (إنفاقه). . لكان أولى؛ إذ يقال فيما أخرج في الطاعة: أنفق، وفي المكروه والمعصية: ضيع، وغرم، وخسر.

(والأصحُّ: أن صرفه في الصدقة، ووجوه الخير، والمطاعم، والملابس التي لا تليق بحاله. . ليس بتبذير) أما في الأولى. . فلأن له فيه غرضًا، وهو الثواب، ووجه مقابله: أنه يوقع في الاحتياج، وأما في الثانية. . فلأن المال يتخذ لينتفع به ويلتذ، ووجه مقابله: أن أهل العرف يَنفُون الرشد عنه.

وذكره وجوه الخير بعد الصدقة من ذكر العام بعد الخاص.

(ويُختبر رشدُ الصبي) في الدين والمال؛ لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} أي:


(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" (٨٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>