للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجِدَارُ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ قَدْ يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا، وَقَدْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ: فَالْمُخْتَصُّ: لَيْسَ لِلآخَرِ وَضْعُ الجُذُوعِ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ، وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ،

===

والكوات: بفتح الكاف، وقيل: بضمها، وتشديد الواو جمع كوة، وهي فتح في الحائط لأجل الضوء غالبًا.

(والجدار بين المالكين قد يختصُّ به أحدهما، وقد يشتركان فيه، فالمختصُّ ليس للآخر وضعُ الجذوع عليه) بغير إذن (في الجديد، ولا يُجبَر المالك) على الجديد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ لامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ" رواه الحاكم من حديث ابن عباس بإسناد على شرط الصحيح (١).

وقياسًا على سائر أمواله، ونقله البغوي في "شرح السنة" عن أكثر أهل العلم (٢).

والقديم -ونصّ عليه في "البويطي" أيضًا-: أنه يجوز له وضعها من غير إذنه، وليس له منعه؛ لحديث أبي هريرة: "لَا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ فِي جدَارِهِ"، ثم يقول أبو هريرة: (ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم) أي: لأضعن هذه السنة بين أظهركم، متفق عليه (٣).

وقال البيهقي: (لم نجد في السنن ما يعارض هذا الحديث، ولا تصحُّ معارضتُه بالعمومات، ولا عذر لأحد في مخالفته، وقد نصَّ الشافعي في القديم والجديد على القول به) (٤).

وأجاب الأصحاب عن الحديث: بأن الضمير في (جداره) لصاحب الخشب؛ أي: لا يمنعه الجار أن يضع خشبه على جدار نفسه وإن تضرر به من جهة منع الضوء والهواء، ورؤية الأماكن المستطرفة والمُنِيرة على خلاف ما يقوله مالك من المنع في كثير من هذه الحالات، قال الإسنوي: ويتأيد بأنه القياس الفقهي، والقاعدة النحوية؛ فإنه أقرب من الأول، فوجب عود الضمير إليه (٥).


(١) المستدرك (١/ ٩٣).
(٢) شرح السنة (٥/ ١٨٥).
(٣) صحيح البخاري (٢٤٦٣)، صحيح مسلم (١٦٠٩) وقع في (د): (خشبة) بالإفراد وهي رواية.
(٤) معرفة السنن والآثار (٩/ ٣٧).
(٥) المهمات (٥/ ٤٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>