للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَوْنُهُ مَعْلُومًا فِي الْجَدِيدِ، وَالإِبْرَاءُ مِنَ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ فِي الْجَدِيدِ إِلَّا مِنْ إِبلِ الدِّيَةِ، وَيَصِحُّ ضَمَانُهَا فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ: (ضَمِنْتُ مِمَّا لَكَ عَلَى زَيْدٍ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ) .. فَالأَصَحُّ: صِحَّتُهُ، وَأَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِعَشَرَةٍ. قُلْتُ: الأَصَحُّ: لِتِسْعَةٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

===

والفرق بين الجعل والثمن في مدة الخيار: أنه لا يصير إلى اللزوم إلا بالعمل، بخلاف الثمن.

(وكونه معلومًا) جنسًا وقدرًا وصفةً (في الجديد) لأنه إثباتُ مال في الذمة لآدمي بعقد، فلم يصحَّ مع الجهالة؛ كالثمن، والقديم: صحته؛ لأن معرفته متيسرة.

ومحل الخلاف: في مجهول تُمكن الإحاطةُ به؛ مثل: أنا ضامن لثمن ما بعت من زيد؛ كما مثّل به في "المحرر" (١)، فإن قال: لشيء منه .. بطل جزمًا.

وبقي للضمان شرط رابع ذكره الغزالي، وهو: كونه قابلًا لأن يتبرع الإنسان به على غيره، فيخرج القصاص، وحدّ القذف، والأخذ بالشفعة.

(والإبراء من المجهول) جنسًا أو صفة أو قدرًا (باطل في الجديد) لأن البراءة متوقفة على الرضا، ولا يعقل مع الجهالة، والقديم: أنه صحيح؛ لأنه إسقاط محض؛ كالإعتاق.

(إلا من إبل الدية) فإنه يصحُّ الإبراء منها على القولين وإن كانت مجهولةَ الصفة؛ لأنا أثبتناها في ذمة الجاني مع اعتقاد هذه الجهالة (٢)، فكذا هنا.

(ويصحُّ ضمانها في الأصحِّ) كالإبراء، والثاني: لا؛ لجهالة وصفها، والإبراء مطلوب فوسعنا فيه، بخلاف الضمان.

(ولو قال: "ضمنت ممّا لك على زيد من درهم إلى عشرة" .. فالأصحُّ: صحته) لانتفاء الغرر بذكر الغاية، والثاني: المنع؛ لجهالة المقدار؛ لتردده بين الغايتين.

(وأنه يكون ضامنًا لعشرة) إن كانت عليه، أو كان عليه أكثر منها، إدخالًا للغايتين في الالتزام، (قلت: الأصحُّ: لتسعة، والله أعلم) إدخالًا للطرف الأول؛ لأنه مبتدأ


(١) المحرر (ص ١٩٠).
(٢) في (ب) و (د): (مع اعتبار هذه الجهالة).

<<  <  ج: ص:  >  >>