للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ: (عَزَلْتُ نَفْسِي)، أَوْ (رَدَدْتُ الْوَكَالَةَ) .. انْعَزَلَ. وَيَنْعَزِلُ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ، وَكَذَا إِغْمَاءٌ فِي الأَصَحِّ، وَبِخُرُوجِ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ.

===

وفرق الرافعي: بأن عمل القاضي تتعلق به المصالح الكلية (١)، قال الإسنوي: ومقتضاه: أن الحاكم في واقعة خاصة حكمُه حكم الوكيل.

(ولو قال: "عزلت نفسي"، أو "رددت الوكالة" .. انعزل) للدلالة عليه، وسواء كان الموكِّل حاضرًا أو غائبًا؛ لأنه قطعٌ للعقد، فلا يفتقر إلى حضور من لا يُعتبر رضاه؛ كالطلاق، وقيل: إن كانت صيغةُ الموكِّل أمرًا؛ كـ (بع)، و (أعتق) .. لم ينعزل بذلك؛ لأن ذلك إذن وإباحة، فأشبه ما إذا أباح الطعام لغيره .. فإنه لا يرتدُّ بردِّ المباح له.

(وينعزل بخروج أحدهما عن أهلية التصرف بموت أو جنون) لأنه لو قارن .. منع الانعقاد، فإذا طرأ .. قطعه، والصواب كما قاله في "المطلب": أن الموت ليس بعزل، بل انتهت الوكالة به؛ كما قلنا في النكاح.

(وكذا إغماء في الأصحِّ) كالجنون، والثاني: لا؛ لأنه لم يلتحق بمن يولَّى عليه، واختاره السبكي تبعًا للإمام وغيره، وقال القاضي الحسين: إنه ظاهر المذهب.

ويستثنى على الأول: الوكيل في رمي الجمار، فإنه لا ينعزل بإغماء الموكِّل على الأصحِّ؛ كما ذكراه في الحجِّ (٢)، ومن الواضح أنه لا ينعزل بالنوم وإن خرج به عن أهلية التصرف.

(وبخروج محلِّ التصرف عن ملك الموكِّل) كبيعه أو إعتاقه ما وكله في بيعه؛ لاستحالة بقاء الولاية والحالة هذه.

وينعزل أيضًا بتزويج من وكله في بيعها، وكذا بإيجارها وإن جوزنا بيع المستأجر؛


(١) الشرح الكبير (٥/ ٢٥٤).
(٢) الشرح الكبير (٣/ ٤٤٠)، وروضة الطالبين (٣/ ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>