للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ: (أَنَا مُقِرٌّ)، أَوْ (أَنَا أُقِرُّ بِهِ) .. فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ. وَلَوْ قَالَ: (أَلَيْسَ لِي عَلَيْكَ كَذَا؟ ) فَقَالَ: (بَلَى)، أَوْ (نَعَمْ) .. فَإِقْرَار، وَفِي (نَعَمْ) وَجْهٌ. وَلَوْ قَالَ: (اقْضِ الأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْكَ)، فَقَالَ: (نَعَمْ)، أَوْ (أَقْضِي غَدًا)، أَوْ (أَمْهِلْنِي يَوْمًا)، أَوْ (حَتَّى أَقْعُدَ)، أَوْ (أَفْتَحَ الْكِيسَ)، أَوْ (أَجِدَ) .. فَإِقْرَارٌ فِي الأَصحِّ.

===

وأما قوله: (أنا مقرّ به) .. فلأن المفهوم منه: الاعتراف.

قال الرافعي: وكلامهم يدل: على أن الحكم بكونه إقرارًا .. محله: ما إذا خاطبه فقال: (أنا مقر به لك)، وإلا .. فيحتمل الإقرار به لغيره (١).

(ولو قال: "أنا مقر") ولم يقل: (به)، (أو "أنا أقر به" .. فليس بإقرار) أما الأول: فلجواز أن يريد الإقرار بالوحدانية، أو ببطلان دعواه، وأما الثاني: فلاحتمال الوعد بالإقرار في ثاني الحال.

(ولو قال: "أليس لي عليك كذا؟ " فقال: "بلى"، أو "نعم" .. فإقرار، وفي "نعم": وجه).

اعلم: أن أهل اللغة قالوا: إن (بلى) تكذيبٌ للنفي الذي دخل عليه الاستفهام، و (نعم) تصديقٌ له؛ فإذا قيل بعد (ألم يقم زيد؟ ): نعم .. فمعناه: لم يقم، وإن قيل: (بلى) .. فمعناه: أنه قام؛ لأن نفيَ النفيِ إثبات.

إذا تقرر هذا .. فالجزم في مسألتنا بأن بلى إقرار .. قد اجتمع عليه العرف واللغة، ومنشأ الخلاف في (نعم): تعارُض العرف واللغة، فوجه الأصحِّ: أن الإقرار يُحمَل على مفهوم أهل العرف لا على دقائق العربية، ووجه مقابله: أن ذلك مقتضاه في اللغة، ورجحه ابن الرفعة (٢).

(ولو قال: "اقضِ الألف الذي لي عليك"، فقال: "نعم"، أو "أقضي غدًا"، أو "أمهلني يومًا"، أو "حتى أقعد"، أو "أفتح الكيس"، أو "أجد" .. فإقرارٌ في الأصحِّ) لأنه المفهوم من هذه الألفاظ عرفًا، والثاني: لا، لأنه ليس بصريح في الالتزام.


(١) الشرح الكبير (٥/ ٢٩٧).
(٢) كفاية النبيه (١٩/ ٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>