للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطَّه عارف نبيل وعانا ... هـ فصَحّ التبييض بالتسويد

لم يخنه إتقان نقط وشكل ... لا ولا عابه لَحاق المزيد

فكأنَّ التخريج في طرتيه ... طرر صُففت ببيض الخدود (١)

غير أن هذا كله يعارضه واقع لا يرتفع متمثل فيما خطته يمين المؤلف مما فيه إشكال كبير، كحال كتاب "المشارق"، ومخطوطات "التنبيهات" - خاصة منها المعارضة بأصل المؤلف - خير دليل على هذه الإشكالات التي نبه عليها الناسخ، من قبيل الأخطاء النحوية والإملائية، وتصريحه أحياناً بأن بعض الكلمات تصعب قراءتها.

ومن ذلك أيضاً ما ذكر أحد نساخ كتاب "الشفاء" الذي قابل نسخته على أصل المؤلف فذكر أنه بذل جهداً كبيراً في المقابلة والتصحيح لوجود حواش وتخريجات، وفي الخاتمة بياضات لم تتأت قراءتها (٢). فهل ترجع هذه الأخطاء إلى سرعة كتابة المؤلف؟ أو إلى دقة كتابته؟ فقد قال عنه ابنه: "كان حسن الضبط، صحيح العقل (كذا، ولعله: النقل)، قوي الخط دقيقه" (٣). أو لأن المؤلف لم يتمكن من مراجعة هذه الكتب التي تنتابها الأخطاء لسبب أو لآخر؟ فلنستحضر مثلاً الملاحظة التي أكد فيها ابنه محمد أن كتاب "الحج" من "التنبيهات" لم يؤلفه أبوه إلا بعد أن أنهى كتاب "التنبيهات"، ثم دفعه لبعض الطلبة، فضاع منه أغلبه، فشغلت المؤلف فتن الزمان عن تحبيره.

ولنلاحظ أيضاً أن أصله من "الشفاء" كان بفاس، وذكر الرحالة ابن جبير: أنه قابل نسخته بأصل المؤلف في فاس، والذي كان أكثره بخطه، وهي مبيضته التي حررها وأظهرها وقرئت عدة مرات عليه (٤).


(١) الإلماع: ١٦٥.
(٢) انظر: دورة القاضي عياض: ٣/ ٣٦٣.
(٣) انظر: التعريف: ٥.
(٤) انظر: دورة القاضي عياض: ٣/ ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>