للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك حصول الطراز الغرناطي على أصله من "المشارق"، وإخراجه إياه، هل كان ذلك بغرناطة؟ وكذلك كون بعض أجزاء مؤلفاته لم تكن بخطه، كيف يمكن تفسير كل هذا؟

إن نهاية المؤلف المأساوية أيضاً، وغموض أيامه الأخيرة لا يساعد على الإجابة على السؤال عن مصير مكتبته، فإنه - وإن كان مفهوماً من كلام ابنه عن مؤلفاته ومبيضاته ومسوداته وبطاقاته أن ذلك وقع تحت يده - لكن يبدو أن المؤلف أيضاً اصطحب معه في استقدامه من سبتة إلى مراكش بعض مؤلفاته أو جلها، ثم لا يدرى مصيرها بعد وفاته بمراكش! فقد قال أبو القاسم بن الملجوم: "اجتاز علينا القاضي عياض عند انصرافه من سبتة قاصداً إلى الحضرة (مراكش)، زائراً لأبي بداره عشية الإثنين الثامن لرجب سنة ٥٤٣، وفي هذه العشية استجزته وسألته عن نسبه ... " (١)

ويدل على ذلك أيضاً أنه ذكر في الغنية وفاة شيخه ابن العربي، وقد توفي سنة ٥٤٣ هـ بعد نفي القاضي عياض إلى مراكش (٢).

وكيفما كان الحال، سيبقى افتراض وقوع الأوهام في أسلوب القاضي عياض وفي خطه وارداً إلى حين بروز نموذج من خطه في كتبه التي قيل: إنه انتهى منها وسمعت عليه، ثم في المؤلفات التي لم يتمها ولم ترو عنه، ولم يظهر حتى الآن هذا النموذج ...

وأختم هذا بما قال تلميذ المؤلف عبد الرحمن بن القصير لما وجد في "الشفاء" من نسخته المنقولة عن أصل عليه خط المؤلف قوله: "ودعيا لي بخير"، فكتب في الطرة: كذا كان في المنتسخ منه. والصواب: ودعوا لأنه من دعوت، قال الله تعالى: {دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} (٣). ولا شك أنه من الناسخ الغلط، وأما المؤلف رحمه الله فإنه كان أرفع من أن يقع في مثل هذا، بل


(١) انظر: أزهار الرياض: ٣/ ٢٣ - ٢٤.
(٢) الغنية: ٦٨.
(٣) الأعراف: ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>