للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصل: واعلم أن هذه الكتب (١) أصلها سماع القاضي بالقيروان - أسدِ بن الفرات (٢) - من عبد الرحمن بن القاسم، وهو أول من عملها ورواها عنه وسأله عنها على أسولة أهل العراق، فأجابه عنها (٣) ابن القاسم بنص قول مالك مما سمع منه أو بلغه أو قاسه على قوله وأصله، فحملت عنه بالقيروان وكتبها عنه سحنون. وكانت تسمى "الأسدية"، و"كتب أسد"، و"مسائل ابن القاسم". ثم رحل (٤) بها سحنون إلى ابن القاسم فسمعها منه وأصلح فيها أشياء كثيرة رجع ابن القاسم عنها، وجاء بها إلى القيروان وهي في التأليف على رتبة ما كانت عليه "كتب أسد" مختلطة (٥) الأبواب، غير مرتبة المسائل، ولا مرسمة التراجم. وكتب ابن القاسم إلى أسد ليعرض كتبه عليها ويصلحها منها، فأنف أسد من ذلك. ثم إن سحنون بن سعيد نظر فيها نظراً آخر؛ وبوبها، وطرح مسائل منها، وأضاف الشكل إلى شكله - على رتبة التصانيف والدواوين - واحتج لمسائلها بالآثار من روايته من "موطإ ابن وهب" (٦) وغيره، فسميت تلك "الكتب المدونة"، وبقيت منها بقية لم ينظر


(١) في س: هذا الكتاب، وكل الضمائر بعده للمذكر.
(٢) أسد بن الفرات بن سنان أبو عبد الله، تفقه بعلي بن زياد وسمع منه الموطأ بروايته، ثم سمعه من مالك وتفقه عنده، ثم أخذ عن تلاميذ أبي حنيفة بالعراق. سمع منه علماء القيروان ووجوهها؛ سحنون وأمثاله من المدنيين، وأصحابه المعروفرن به، يعني الكوفيين. وكان فقيهاً على المذهبين ولديه كتب الفريقين. وكان إذا سرد أقوال العراقيين يقول له مشايخ المدنيين: أوقد القنديل الثاني يا أبا عبد الله! فيسرد أقاويل المدنيين. قال المالكي: المشهور أنه كان يلتزم من أقوال أهل المدينة وأهل العراق ما وافق الحق عنده، ويحق له ذلك لاستبحاره في العلوم وبحثه عنها وكثرة من لقي من العلماء والمحدثين. تولى قضاء إفريقية حتى خرج أميراً على جيش لفتح صقلية حيث استشهد سنة ٢١٣. (انظر علماء إفريقية وتونس لأبي العرب: ١٦٣ ورياض النفوس: ٣/ ٢٥٥ - ٢٦٧ والمدارك: ٣/ ٢٩١ - ٣٠٢).
(٣) في س وم ول: عليها.
(٤) في ق وم ول: رجع.
(٥) في س وم ول: مختلفة.
(٦) هو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي المصري، أبو محمَّد أحد كبار رؤوس المذهب =