للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخرى: "فإن انصرف حين سلم فأكل وشرب ولم يطل ذلك" (١)، وكذا في رواية الباجي (وابن المرابط) (٢). والأول أصوب؛ لأنه جعله بمجرد الشرب في الرواية الثانية يبتدئ ورآه طويلاً، وهذا لا يكون في الشرب. ولم يجعل الشرب وحده في غير "المدونة" طولاً (٣)، وجعله يسجد للسهو لمن فعله ساهياً بعد هذا في الثاني (٤).

والأشبه أنما (٥) طال بالأكل المضاف إليه أو بفعله بعد الانصراف على ما في الروايات الأخر؛ لأن نفس (٦) الانصراف كالطول، أو يكون طال (٧) شربه شيئاً بعد شيء فجاء كطول الأكل، أو يكون الأكل قليلاً كاللقمة فيستوي مع الشرب كاللقمة ونحوها, لقوله: ولم يطل ذلك. لكنه قد يتخرج من اختلاف هذه الروايات القولان في الشرب وشبهه مما هو من الأفعال من غير جنس الصلاة ولا طول فيه، وكالأكل (٨) الخفيف/ [خ ٤٨] ونحوه؛ فقد ذكر شيوخنا في ذلك عن المذهب القولين: أحدهما أنه يجبر بسجود السهو، والآخر أنه يبطل الصلاة.

واعلم أن هذا إذا سلم ولم يتكلم حتى ذكر فقام لإتمام صلاته أنه لا يختلف فيه ابن كنانة (٩) ولا سحنون ولا غيرهما أنه يبني، سواء كان سلامه


(١) وهو ما في طبعة دار صادر.
(٢) ليس في خ.
(٣) في النوادر ١/ ٣٦٠: "قال ابن حبيب: ومن فارق صلاته ثم ذكر بقية منها وقد مشى أو أكل أو شرب، فليبن ما لم يطل".
(٤) المدونة: ١/ ١٣٥/ ١٠.
(٥) في خ: إن ما.
(٦) في خ: لأن يسير.
(٧) كذا في ز، وفي خ وق: أطال، وفي س وع وم ول: إذا طال، وفي ح: إذا كان.
(٨) كذا في خ وز، وبحاشية ز: كذا بخطه، وفي سائر النسخ: كالأكل.
(٩) هو عثمان بن عيسى بن كنانة، قال ابن عبد البر: كان من فقهاء المدينة، أخذ عن مالك، وغلبه الرأي، وليس له في الحديث ذكر، وقال الشيرازي: كان مالك يحضره لمناظرة أبي يوسف عند الرشيد، وهو الذي جلس في حلقة مالك بعد وفاته، توفي ١٨٦. (انظر طبقات الشيرازي: ١٤٧، والمدارك: ٣/ ٢١).