للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قاله، لكنه على روايته يظهر (١).

وظاهر "المدونة" (٢) اشتراط المسجد لها، وذلك قوله: "لأن الجمعة لا تكون إلا في المسجد الجامع، وهو قول عامة أئمتنا، وإنما اختلفوا؛ هل المسجد فيها شرط في الوجوب والصحة أو في الصحة فقط؟ لأنه متى كانوا جماعة ممن تلزمهم الجمعة لو كان لهم جامع على من اشترطه في الوجوب فلم يكن لهم جامع لكان فرضاً على مثلهم إقامة مسجد لجماعتهم؛ إذ إقامة الجماعة على الجملة (٣) فرض وإن كانت في نفسها سنة على الآحاد، ولكن إحياء السنن الظاهرة كالجماعات والأذان فرض، حتى لو تمالأ على (ترك) (٤) ذلك أهل موضع لجوهدوا، فإذا كان ذلك فرضاً عليهم ففي ضمن هذا وجوب الجمعة عليهم؛ إذ لا يعدمون مكاناً من الأرض يتخذونه مسجداً إلا على من رأى أنها لا تصح إلا فيما بني على هيئة الجوامع، وهو مذهب القاضي الباجي (٥)، وخالفه في ذلك غيره.

وذكر القزويني عن أبي بكر الصالحي - وهو أبو بكر الأبهري - خلاف هذا، وتأول على "المدونة" إذ لم يذكر المسجد في صفة القرية التي تجب على أهلها الجمعة وتصح منهم أنه لا يشترط، وأنكر ذلك الباجي (٦) وزعم أنهما مجهولان لا يوثق بعلمهما وتأويلهما، وقد خفي عليه أن أبا بكر الصالحي هذا هو أبو بكر بن صالح الأبهري، شيخ القزويني وإمام تلك الطبقة المشهور/ [خ ٦٨] تقدمه، وأن القزويني مكانه من الإمامة في مذهبنا والتقدم في أعلام أهل العراق مكانه (٧).


(١) قد تطرق المازري أيضاً في شرح التلقين: ٣/ ٩٨٥ لاعتماد الباجي هذه الرواية وأنها تحتمل ذلك التأويل.
(٢) المدونة: ١/ ١٥١/ ٦ -
(٣) في ق: الجماعة، وفي ل: الجمعة.
(٤) ليس في خ.
(٥) في المنتقي: ١/ ١٩٧.
(٦) في المنتقى: ١/ ١٩٦ وانظر المقدمات: ١/ ٢٢٢.
(٧) هو أحمد بن محمَّد بن زيد القزويني، قال عنه المؤلف في المدارك ٧/ ٧٣: تفقه بأبي =