فقه أشهب، وبعض أهل المدينة، والليث بن سعد، وإبراهيم النخعي، وغيرهم. وهذه الزيادة هي التي أغرت الفقهاء والباحثين فجعلتهم يقبلون عليها ويتركون "الأسدية", لأن الطالب ينظر بعين الناقد المتفحص، الذي يزن المسائل بميزان الصحة والضعف.
- إن "مدونة سحنون" هي النسخة الأخيرة المصححة على ابن القاسم، وهذا وحده كاف لجعل أهل العلم يفضلون هذه النسخة على غيرها.
- إن للتلاميذ دوراً كبيراً في نشر علم شيوخهم، وآرائهم، فما كثر تلاميذ شيخ من الشيوخ إلا واشتهر علمه وانتشرت شهرته، وأسد بن الفرات لم يكن له من التلاميذ ما لسحنون، لاشتغاله بالقضاء أولاً ثم بالجهاد أخيراً، وقد انتشرت "مدونة سحنون" بمصر والقيروان والأندلس والعراق بوساطة تلامذته، وقد تجاوز عددهم المئات.
ويلخص فضيلة الشيخ محمَّد بن عاشور الأسباب التي أدت إلى رفض المالكية للأسدية في سببين:
الأول: هو أنه لما بنى إدراج مذهب على مذهب آخر، فقد وقع فيه من الاختلاط في الأقوال، والاختلال في عزوها أمور جاءت قادحة فيما يطلب في كتب الأحكام من الصحة المطلقة.
الأمر الثاني: هو أن فقهاء المالكية اعتادوا بناء الفقه على الأحاديث، والآثار، كما هي طريقة مالك في "الموطأ"، وقد سلك أسد في كتابه طريقة فقه خالص، مبني على صريح الاجتهاد (١). ولذلك عزف الناس عن كتابه. فلما هذب سحنون "المدونة" وأرجعها إلى المنهج المألوف عند المالكية، وذلك لاحتجاجه لمسائلها بالأحاديث والآثار اهتم الناس بها وتركوا غيرها.
(١) مجلة البحوث الفقهية المعاصرة. مقال الدكتور محمَّد إبراهيم أحمد علي. ص: ٩٦ - ٩٧. السنة الرابعة، العدد: ١٥، ١٤١٣ هـ.