للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أحمد بن أبي سليمان القروي فقد صحب سحنون عشرين سنة، وكان يصبر على السماع، أسمع الناس عشرين سنة، وكان يقول: أنا حبس، وكتبي حبس (١)، وإن كان ابن حارث قد طعن فيه (٢).

وأما يحيى بن عمر فقال عنه ابن حارث: "رحل إليه الناس ولا يروون "المدونة" و"الموطأ" إلا عنه، وكان ضابطاً لما روى، عالماً بكتبه، متفنناً شديد التصحيح لها" (٣).

والملاحظ أن المؤلف - وهو يسرد أسانيده - قدم روايات الأندلسيين على روايات الإفريقيين، وقدم رواية شيخه الأندلسي ابن عتاب - وإنما سمعها منه سنة ٥٠٧ هـ - على رواية شيخه وبلديه ابن عيسى - وكان قد سمعها وناظر بها قبل سنة ٤٩٧ هـ وفي أثنائها وفيما بعدها. وأغلب رجال هذه الأسانيد بما فيها أسانيد الروايات القروية أندلسيون أيضاً.

هذه بعض أسانيد القاضي عياض المعروفة، ويمكن لقارئ "التنبيهات" أن يتأكد من روايته وأخذه لها عن شيوخ آخرين، ويتأكد أكثر من ذلك من اطلاع المؤلف على نسخ كثيرة لم يشد المؤلف رحاله إلى الأندلس منتصف جمادى الأولى سنة سبع وخمسمائة (٤) إلا لاستكمال الرواية ومزيد من المقابلة والتصحيح والإسناد، وإلا فقد روى وناظر وتفقه في "المدونة" على يد شيوخه السبتيين كما سبق. وكأن هذه الرحلة والرغبة من القاضي عياض قضية أهل المغرب ودولته، حتى إن أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين كتب إلى قاضيه بقرطبة أبي عبد الله بن حمدين: بأن أبا الفضل "ممن له حظ في العلم حظ نبيه ووجه ووجيه، وعنده دواوين أغفال لم يفتح لها


(١) المدارك: ٤/ ٣٦٧.
(٢) علماء إفريقية: ١٩١.
(٣) المدارك: ٤/ ٣٥٨.
(٤) التعريف: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>