للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخبر الله بها عن نفسه أكثر من الصفات التي نفاها عن نفسه.

وأما الصفات المنفية التي نفاها الله عن نفسه فكلها صفات نقص ولا تليق به تعالى كالعجز واللغوب والظلم، ومماثلة المخلوقين، والغالب فيها الإجمال؛ لأن ذلك أبلغ في تعظيم الموصوف، وأكمل في التنزيه، فإن تفصيلها لغير سبب يقتضيه المقام فيه سخرية وتنقص بالموصوف، ولهذا جاء النفي المفصل في تنزيه الله تعالى عما نسبه إليه المشركون من الولد، والصاحبة، فقال تعالى: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)[الإخلاص: ٣ - ٤] فهذا نفي اقتضاه المقام وهو قليل جداً (١).

رابعا: أن الصفات المنفية في القرآن والسنة تذكر غالبا في خمسة أحوال:

الأولى: النفي المجمل للدلالة على عموم كمال الرب بسلب جميع النقائص والعيوب عنه على سبيل العموم والشمول لكل فرد من أفراد ما يضاد الكمال من النقائص، كما في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، وقوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٤].

الثانية: نفى ما ادعاه في حقه الكاذبون كما في قوله: ﴿أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا﴾ [مريم: ٩١ - ٩٢].

الثالثة: دفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق بهذا الأمر المعين كما في قوله: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾ [الدخان: ٣٨]، وقوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ [ق: ٣٨].

الرابعة: تهديد الكافرين في مثل قوله تعالى: ﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: ٨٥].

الخامسة: توسيع دائرة الإثبات بإثبات أضدادها من صفات الكمال فنفى السنة والنوم إثبات لكمال حياته وإحاطة علمه وكمال قدرته، ونفي الصاحبة والولد إثبات لصمديته وعظمته (٢).


(١) انظر: تقريب التدمرية: ٢ - ٢٢.
(٢) انظر: النفي في صفات الله تعالى: ١١٣، وشرح العقيدة الواسطية للعثيمين: ١/ ١٤٦، ٢٠٧، والقواعد الكلية في الأسماء والصفات: ١٥٦، والمجلى في شرح القواعد المثلى: ١٩٥ - ١٩٦.

<<  <   >  >>