للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول: إن هذه الكلية تجد في نفسي صدى واسعاً، ولا أجد في الوقت نفسه متسعاً لنقاش حدود إمكانية صدقها بدقة تكون أمينة مع التاريخ، منصفة لصاحب المقولة في الوقت نفسه.

وتنبع أهمية هذه الفكرة التي يرددها محمد جلال كشك من كونها تتردد بدرجات متفاوتة في كتابات معاصرة كثيرة تحلل التاريخ المعاصر للأمة العربية والإسلامية، فنحن نجد مثلاً برهان غليون الذي ينتمي لمدرسة فكرية مختلفة يقرر أن الوهابية (وجهت -دون شك بإحيائها ملكة التفكير الصارم من جديد في الإسلام وتوليدها إرادة عميقة في الإصلاح والتغيير، وبعثها روح الكفاح والمعارضة التي كان ابن تيمية رمزها، وإعادتها الشريعة إلى مكانها الأول في الوعي الديني- ضربة عنيفة للأسس التي كان يقوم عليها التوازن العقائدي والسياسي القائم، وبهذا أعطت الوهابية دفعة لا شك فيها للجدلية الاجتماعية السياسية والفكرية التي كانت قد تجمدت تقريباً منذ قرون عدة في المجتمعات العربية) (١) " (٢).

كما زعموا أن إعادة طباعة كتب الدعوة الوهابية من قبل هؤلاء الثوار يدل على أن استمداد العنف منها. يقول فؤاد إبراهيم: "إن إعادة طبع كتب مؤرخي المذهب الرسمي والمقررين للغارات السعودية في أدوارها الثلاثة -من ابن غنام وابن بشر حتى إبراهيم بن صالح النجدي- لا تحتمل تفسيراً آخر غير ما قيل من أن العنف يستمد قوته ومصادر تغذيته من الدولة نفسها" (٣).

ويقول محمد المحمود: "كثيرون جداً لا يصدقون، بل وربما لا يريدون أن يصدقوا أن كثيراً من أساتذة كلياتنا الشرعية، وكثيراً من قضاتنا الشرعيين، وكثيراً من خطباء جوامعنا وأئمة مساجدنا، مُروجون لخطاب التكفير السلفي، ومؤيدون -صراحة- لاستخدام العنف الذي يصل حد المطالبة العلنية بتنفيذ جريمة: (القتل) بالآخر المخالف. واقرأ بتفحص - لتقتنع! -


(١) المحنة العربية: ٤٦.
(٢) أثر الدعوة الوهابية في التيارات الإسلامية المصرية: ٢٥٩، ضمن كتاب الوهابية السلفية الأفكار والآثار. وانظر: ٢٧٤ - ٢٧٥، ونقد العقل الجهادي: ٢١٥ وما بعدها، والجماعات المتطرفة وإيران علاقات متجددة: ١٣ - ٣٨، ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من الإحياء والإصلاح إلى الجهاد العالمي: ٤٠١.
(٣) السلفية الجهادية في السعودية: ٢١٨.

<<  <   >  >>