للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعدائه" (١).

وقال أيضا : "فأولياء الله تجب موالاتهم وتحرم معاداتهم، كما أن أعداءه تجب معاداتهم وتحرم موالاتهم، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة: ١]، وقال: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (٥٥)[المائدة: ٥٥] " (٢).

وقال ابن أبي العز عند شرحه لقول الطحاوي ونحب أهل العدل والأمانة ونبغض أهل الجور والخيانة-: " وهذا من كمال الإيمان وتمام العبودية، فإن العبادة تتضمن كمال المحبة ونهايتها، وكمال الذل ونهايته، فمحبة رسل الله وأنبيائه وعباده المؤمنين من محبة الله، وإن كانت المحبة التي لله لا يستحقها غيره، فغير الله يحب في الله لا مع الله، فإن المحب يحب ما يحب محبوبه ويبغض ما يبغض ويوالي من يواليه ويعادي من يعاديه ويرضى لرضائه ويغضب لغضبه ويأمر بما يأمر به وينهى عما ينهى عنه، فهو موافق لمحبوبه في كل حال، والله تعالى يحب المحسنين ويحب المتقين، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين، ونحن نحب من أحبه الله، والله لا يحب الخائنين ولا يحب المفسدين ولا يحب المستكبرين ونحن لا نحبهم أيضا ونبغضهم موافقة له " (٣).

ومن كان فيه إيمان وفيه فجور أعطي من الموالاة بحسب إيمانه، ومن البغض بحسب فجوره، ولا يخرج من الإيمان بالكلية بمجرد الذنوب والمعاصي كما يقول الخوارج. ولا يجعل الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون بمنزلة الفساق في الإيمان والدين والحب والبغض والموالاة والمعاداة، قال تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: ٩ - ١٠]. فجعلهم إخوة مع وجود الاقتتال والبغي" (٤).


(١) فتح الباري لابن رجب: ١/ ٥٦.
(٢) جامع العلوم والحكم: ٢/ ٣٣٤.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية: ٢/ ٥٤٦.
(٤) مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٢٢٨.

<<  <   >  >>