للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨١، ٨٢].

القسم الثالث: من يُحب من وجه ويبغض من وجه:

فتجتمع فيه المحبة والعداوة وهم عصاة المؤمنين، يُحبون لما فيهم من الإيمان ويبغضون لما فيهم من المعصية التي هي دون الكفر والشرك، ومحبتهم تقتضي مناصحتهم والإنكار عليهم، فلا يجوز السكوت على معاصيهم بل ينكر عليهم ويؤمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وتقام عليهم الحدود والتعزيرات حتى يكفوا عن معاصيهم ويتوبوا من سيئاتهم؛ لكن لا يبغضون بغضًا خالصًا ويتبرأ منهم كما تقوله الخوارج في مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك، ولا يُحبون ويوالون حباً ومولاة خالصين كما تقوله المرجئة بل يعتدل في شأنهم … كما هو مذهب أهل السنة والجماعة" (١).

فهذه عقيدة السلف في الولاء والبراء، وهي عقيدة الإمام محمد بن عبد الوهاب ، فقد أرسل مكتوباً إلى من يصل إليه من المسلمين بين فيه عقيدته، فقال: "النبي وأمته يصلون، والنصارى يصلون، ولكن قبلته وأمته بيت الله، وقبلة النصارى مطلع الشمس، فالكل منا ومنهم يصلي لكن اختلفنا في القبلة، ولو أن رجلاً من أمة محمد يقر بهذا، ولكن يكره من يستقبل القبلة، ويحب من يستقبل الشمس، أتظنون أن هذا مسلم … وأنا أنصحكم لله وأنخاكم لا تضيعوا حظكم من الله، وتحبون دين النصارى على دين نبيكم، فما ظنكم بمن واجه الله وهو يعلم من قلبه أنه عرف أن التوحيد دينه ودين رسوله وهو يبغضه، ويبغض من اتبعه، ويعرف أن دعوة غيره هو الشرك، ويحبه ويحب من اتبعه أتظنون أن الله يغفر لهذا؟ والنصيحة لمن خاف عذاب الآخرة، وأما القلب الخالي من ذلك فلا" (٢).

وكتب أيضاً رسالة إلى بعض الناس يأمرهم بنصيحة آخرين، وجاء فيها: "إن الحب والبغض والموالاة والمعاداة لا يصير للرجل دين إلا بها، ولا ينفعه قول: لا إله إلا الله، ولا ترك الشرك حتى يبغض أهل الشرك، كون التوحيد من أخل به مثل من أخل بصوم رمضان، ولو ما أبغضه، وكذلك الشرك إن كان ما أبغض أهله مثل بغض من تزوج بعض محارمه، فلا


(١) الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد: ٣١٧ - ٣١٩.
(٢) مؤلفات الشيخ: ٦/ ١٩٦.

<<  <   >  >>