للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ [الحشر: ١٠] " (١).

ثانيا: أن محبة المؤمن لإخوانه المؤمنين تتفاضل بحسب ما معهم من إيمان. قال الشيخ سليمان بن عبد الله عند شرحه لقوله : «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير» (٢): "وفيه أن محبة المؤمنين تتفاضل، فيحب بعضهم أكثر من بعض" (٣).

ثالثا: أنه مع هذا التفاضل في المحبة فإنه ليس لأحد أن يؤذي المسلمين، أو أن يتتبع عوارتهم، يقول الإمام محمد بن عبد الوهاب : "وليس لأحد أن يتبع عورات العلماء، ولا له أن يتكلم فيها، فمن عدل عن الحجة إلى الظن والهوى فهو ظالم، وكذلك كل من آذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا" (٤).

وكان إيذائهم أيضاً موجباً للتعزير حتى يكف المؤذي عن إيذائه، يقول الشيخ عبد الله بن محمد : "وأما الذي يسب المسلمين، ويؤذيهم بلسانه، فيؤدبه الأمير بما يزجره" (٥).

وقد وصف الله تعالى ما يجب أن يكون عليه المؤمنون مع إخوانهم بأنهم: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة: ٥٤]، وأنهم: ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: ٢٩].

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في معناها: "أي: أرقاء، رحماء، مشفقين، عاطفين عليهم" (٦). وهذا كله يدل على عدم التشدد، وعلى النصح والشفقة للمؤمنين.

رابعا: أن من عقيدة أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء أن الناس على أنواع، فمنهم من يحب مطلقاً، ومنهم من يبغض مطلقاً، ومنهم من يحب من وجه ويبغض من وجه، كما سبق بيانه في المبحث الثاني من هذا الفصل.


(١) التوضيح عن توحيد الخلاق: ٢٠١ - ٢٠٢.
(٢) صحيح مسلم، كتاب القدر، باب الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله وتفويض المقادير لله، برقم: ٢٦٦٤.
(٣) تيسير العزيز الحميد: ٥٩٩.
(٤) مؤلفات الشيخ: ١٢/ ٣١.
(٥) الدرر السنية: ٧/ ٤٣٧.
(٦) فتح المجيد: ٣٣٤. وانظر: مدارج السالكين: ٣/ ٢٣.

<<  <   >  >>