قال أبو جعفر: فقول رسول الله ﷺ هذا لمعاذ يدل على أنه عند رسول الله ﷺ كان يفعل أحد الأمرين، إما الصلاة معه، أو بقومه، وأنه لم يكن يجمعهما، لأنه قال:"إما أن تصلي معي" أي: ولا تصل بقومك، "وإما أن تخفف بقومك" أي: ولا تصل معي.
فلما لم يكن في الآثار الأول من قول رسول الله ﷺ شيء، وكان في هذا الأثر ما ذكرنا ثبت بهذا الأثر أنه لم يكن من رسول الله ﷺ في ذلك المعنى لمعاذ شيء متقدم، ولا علمنا أنه كان في ذلك أيضا منه شيء متأخر، فيجب به الحجة علينا.
ولو كان في ذلك من رسول الله ﷺ أمر كما قال أهل المقالة الأولى لاحتمل أن يكون ذلك كان من رسول الله ﷺ في وقت ما كانت الفريضة تصلى مرتين، وإن ذلك قد كان يفعل في أول الإسلام حتى نهى عنه رسول الله ﷺ، وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في باب صلاة الخوف.
ففعل معاذ الذي ذكرنا يحتمل أن يكون كان قبل النهي عن ذلك، ثم كان النهي فنسخه، ويحتمل أن يكون كان بعد ذلك.
فليس لأحد أن يجعله في أحد الوقتين إلا كان لمخالفه أن يجعله في الوقت الآخر.
فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار.
= وأخرجه أحمد (٢٠٦٩٩)، والبخاري في التاريخ الكبير ٣/ ١١٠، وابن عبد البر في الاستيعاب ٢/ ٧٢ - ٧٣ من طريق وهيب، عن عمرو به.