للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهذا عندي فاسد، لأن عائشة وإن كانت هي أم المؤمنين، فإن رسول الله أبو المؤمنين، وهو أولى بهم من عائشة بهم. فقد كان ينزل في منازلهم، فلا يخرج بذلك من حكم السفر الذي يقصر فيه الصلاة إلى حكم الإقامة التي تكمل فيها الصلاة.

وقد قال قوم (١): كان مذهب عائشة في قصر الصلاة أن يكون لمن حمل الزاد والمزاد على ما روينا عن عثمان ، وكانت تسافر بعد النبي في كفاية من ذلك، فتركت لهذا المعنى قصر الصلاة. فلما تكافأت هذه التأويلات في فعل عثمان وعائشة ، لزمنا أن ننظر حكم قصر الصلاة، ما يوجبه؟

فكان الأصل في ذلك أنا رأينا الرجل إذا كان مقيما في أهله، فحكمه في الصلاة حكم الإقامة، وسواء كان في إقامته في طاعة أو في معصية، لا يتغير بشيء من ذلك حكمه، فكان حكم تمام الصلاة يجب عليه بالإقامة خاصة، لا بطاعة ولا بمعصية ثم إذا سافر خرج بذلك من حكم الإقامة.

فقد جرى في هذا من الاختلاف ما قد ذكرنا.

فقال قوم (٢): لا يجب له حكم التقصير إلا أن يكون ذلك السفر سفر طاعة.


(١) قلت أراد بهم: عطاء بن أبي رباح، ومحمد بن سيرين، وقتادة، وإبراهيم النخعي ، كما في النخب ٨/ ٤٤٧.
(٢) قلت أراد بهم: الشافعي، ومالكا، وأحمد، والطبري، وأصحابهم ، كما في النخب ٨/ ٤٤٩.