للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فثبت بما ذكرنا أن حديث ابن عباس في الشرك، وحديث حذيفة في الطلاق والأيمان، وما أشبه ذلك، وأما حكم ذلك من طريق النظر فإن فعل الرجل مكرها لا يخلو من أحد وجهين: إما أن يكون المكره على ذلك الفعل إذا فعله مكرها في حكم من لم يفعله، فلا يجب عليه شيء أو يكون في حكم من فعله، فيجب عليه ما يجب عليه لو فعله غير مستكره.

فنظرنا في ذلك، فرأيناهم لا يختلفون في المرأة إذا أكرهها زوجها وهي صائمة في شهر رمضان أو حاجة فجامعها أن حجها يبطل، وكذلك صومها ولم يراعوا في ذلك الاستكراه، فيفرقوا بينهما وبين الطواعية، ولا جعلت المرأة فيه في حكم من لم يفعل شيئا، بل قد جعلت في حكم من قد فعل فعلًا يجب عليه الحكم، ورفع عنها الإثم في ذلك خاصة.

وكذلك لو أن رجلا أكره رجلا على جماع امرأة اضطره إلى ذلك كان المهر في النظر على المجامع لا على المكره، ولا يرجع به المجامع على المكره لأن المكره لم يجامع، فيجب عليه بجماعه مهر، وما وجب في ذلك الجماع فهو على المجامع لا على غيره.

فلما ثبت في هذه الأشياء أن المكره عليها محكوم عليه بحكم الفاعل كذلك في الطواعية، فيوجبون عليه فيها من الأموال ما يجب على الفاعل لها في الطواعية، ثبت أنه كذلك المطلق والمعتق والمراجع في الاستكراه يحكم عليه بحكم الفاعل، فيلزم أفعاله كلها.