للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلك لا يجب عليه قتل إنما يجب عليه -في قول من يوجب الحد- عليه الرجم إن كان محصنًا. فلما لم يأمر النبي رسوله بالرجم، وإنما أمره بالقتل ثبت بذلك أن ذلك القتل ليس بحد للزنا، ولكنه لمعنى خلاف ذلك. وهو أن ذلك المتزوج فعل ما فعل من ذلك على الاستحلال كما كانوا يفعلون في الجاهلية، فصار بذلك مرتدا، فأمر رسول الله أن يفعل به ما يفعل بالمرتد.

وهكذا كان أبو حنيفة وسفيان رحمهما الله يقولان في هذا المتزوج إن كان أتى ذلك على الاستحلال أنه يقتل. فإذا كان ليس في هذا الحديث ما ينفي ما يقول أبو حنيفة وسفيان، لم يكن فيه حجة عليهما، لأن مخالفهما ليس بالتأويل أولى منها. وفي ذلك الحديث أيضا: أن رسول الله عقد لأبي بردة الراية، ولم تكن الرايات تعقد إلا لمن أمر بالمحاربة، والمبعوث على إقامة حد الزنا غير مأمور بالمحاربة.

وفي الحديث أيضًا أنه بعثه إلى رجل تزوج بامرأة أبيه وليس فيه أنه دخل بها. فإذا كانت هذه العقوبة وهي القتل مقصودًا بها إلى المتزوج لتزوجه دل ذلك أنها عقوبة وجبت بنفس العقد لا بالدخول، ولا يكون ذلك إلا والعاقد مستحل لذلك.

فإن قال قائل: فهو عندنا على أنه تزوج ودخل بها. قيل له: وهو عند مخالفك على أنه تزوج واستحل.

فإن قال: ليس للاستحلال ذكر في الحديث قيل له: ولا للدخول ذكر في الحديث، فإن جاز لك أن تحمل معنى الحديث على دخول غير مذكور في الحديث جاز