للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الناس حينئذ لم تكن الدعوة بلغتهم، ولم يكونوا يعلمون على ما يقاتلون عليه، فأمر بالدعاء ليكون ذلك تبليغاً لهم، وإعلاما لهم على ما يقاتلون عليه.

ثم أمر بالغارة على آخرين فلم يكن ذلك إلا لمعنى لم يحتاجوا معه إلى الدعاء، لأنهم قد علموا ما يدعون إليه لو دعوا وما لو أجابوا إليه لم يقاتلوا، فلا معنًى للدعاء.

وهكذا كان أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، رحمة الله عليهم أجمعين يقولون: كل قوم قد بلغتهم الدعوة، فأراد الإمام قتالهم، فله أن يغير عليهم، وليس عليه أن يدعوهم، وكل قوم لم تبلغهم الدعوة، فلا ينبغي قتالهم حتى يتبين لهم المعنى الذي عليه يقاتلون، والمعنى الذي إليه يدعون.

وقد تكلم الناس في المرتد عن الإسلام، أيستتاب أم لا؟.

فقال قوم (١): إن استتاب الإمام المرتد فهو أحسن، فإن تاب وإلا قتله. وممن قال ذلك أبو حنيفة، وأبو يوسف ومحمد رحمة الله عليهم.

وقال الآخرون (٢): لا يستتاب، وجعلوا حكمه كحكم الحربيين - على ما ذكرنا - من بلوغ الدعوة إياهم، ومن تقصيرها عنهم.

وقالوا: إنما تجب الاستتابة لمن خرج عن الإسلام، لا عن بصيرة منه به، فأما من


(١) قلت: أراد بهم عمر بن عبد العزيز، والشعبي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي في قول ، كما في النخب ١٧/ ٩٥.
(٢) قلت: أراد بهم: الحسن البصري، والليث بن سعد، وسفيان بن محمد بن الجراد ، كما في المصدر السابق.