متفرقة جاز نكاح الأربع الأول منهن، ويطل نكاح سائرهن.
فإن قال قائل: فقد ترك أبو حنيفة وأبو يوسف قولهما في شيء قالاه في هذا المعنى، وذلك أنهما قالا في رجل من أهل الحرب سبي وله أربع نسوة، وسبين معه: أن نكاحهن كلهن قد فسد ويفرق بينه وبينهن، قال: فقد كان ينبغي على ما حملا عليه حديث غيلان أن يجعلا له أن يختار منهن اثنتين فيمسكهما ويفارق الاثنتين الباقيتين؛ لأن نكاح الأربع قد كان كله ثابتًا صحيحًا، وإنما طرأ الرق عليه، فحرم عليه ما فوق الاثنتين كما أنه لما طرأ حكم الله في تحريم ما فوق الأربع أمر رسول الله ﷺ غيلان باختيار أربع من نسائه، وفراق سائرهن".
قيل له: ما خرج أبو حنيفة، وأبو يوسف رحمهما الله بما ذكرت عن أصلهما، ولكنهما ذهبا إلى ما قد خفي عليك، وذلك أن هذا كان تزوج الأربع في وقت ما تزوجهن بعدما حرم على العبد تزويج ما فوق الاثنتين، فإذا تزوجهن، وهو حربي في دار الحرب ما فوق اثنتين، ثم سبي وسبين معه رد حكمه في ذلك إلى حكم تحريم قد كان قبل نكاحه، فصار كأنه تزوجهن في عقدة بعدما صار رقيقًا، وهو في ذلك كرجل تزوج صبيتين صغيرتين، فجاءت امرأة فأرضعتهما معًا فإنهما تبينان منه جميعًا، ولا يؤمر بأن يختار إحداهما فيمسكها، ويفارق الأخرى؛ لأن حرمة الرضاع طرأت عليه بعد نكاحه إياهما، فكذلك الرق الطارئ على النكاح الذي وصفنا حكمه حكم هذا الرضاع الذي ذكرنا، وهما جميعًا مفارقان لما كان من رسول الله ﷺ في غيلان بن سلمة؛ لأن غيلان لم