من الحجة لهم في ذلك على من ذهب إلى القول الأول أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إنما في حديثه أن رسول الله ﷺ اردها على أبي العاص على النكاح الأول، فليس في ذلك دليل على أنه ردها إليه؛ لأنها في العدة، ولا نعلم كيف كان الحكم يومئذ في المشركة تسلم وزوجها مشرك، أتبينها ذلك منه، أو تكون زوجته على حالها؟، وإنما يكون حديث ابن عباس حجة لأهل المقالة الأولى أنه لو كان فيه أن رسول الله ﷺ ردها على أبي العاص لأنَّه أدركها وهي في العدة.
فأما إذا لم يتبين لنا العلة التي ردها عليه، فقد يجوز أن تكون هي العدة، وقد يجوز أن تكون غيرها؛ لأن الإسلام لم يكن حينئذ يبينها منه، ولا يزيلها عن حكمها المتقدم.
٤٩٠٧ - ولقد حدثني أبو بكر محمد بن عبدة بن عبد الله بن زيد، قال حدثني أبو توبة الربيع بن نافع، قال: قلت لمحمد بن الحسن: من أين جاء اختلافهم في زينب؟. فقال بعضهم: ردها رسول الله ﷺ على أبي العاص على النكاح الأول. وقال بعضهم: ردها بنكاح جديد، أترى كل واحد منهم سمع من النبي ﷺ ما قال؟ فقال محمد بن الحسن: لم يجئ اختلافهم من هذا الوجه، وإنما جاء اختلافهم أن الله إنما حرم أن ترجع المؤمنات إلى الكفار في سورة الممتحنة بعدما كان ذلك جائزًا حلالًا، فعلم ذلك عبد الله بن عمرو، ثم رأى أن رسول الله ﷺ قد رد زينب على أبي العاص بعدما كان علم حرمتها عليه بتحريم الله المؤمنات على الكفار، فلم يكن ذلك عنده إلا بنكاح جديد، فقال: ردها عليه رسول الله ﷺ بنكاح جديد، ولم يعلم عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما بتحريم الله ﷿ المؤمنات على الكفار، حتى علم برد النبي ﷺ زينب على أبي العاص فقال: ردها