كان نقض قريش ما كانوا عاهدوه عليه، ووافقوه بأن قال:
وهم أتونا بالوتير هُجَّدًا … فقتلونا ركَّعًا وسجَّدا
ولم يذكر في ذلك أحدا غير قريش من بني نفاثة، ولا من غيرهم، ثم أنشد حسان بن ثابت شعره الذي ذكرناه عنه، في حديث عكرمة المعنى الذي ذكره عمرو بن سالم في الشعر الذي ناشد به رسول الله ﷺ، ففي ذلك دليل أن رجال بني كعب أصابهم من نقض قريش الذي به خرجوا من عهدهم ببطن مكة، ألا تراه يقول:
أتاني ولم أشهد ببطحاء مكة … رجال بني كعب تحز رقابها
ثم ذكر ما بيناه لمن كان سببا من ذلك قريش ورجالها فقال:
فيا ليت شعري هل لنا (١) لزمرة … سهيل بن عمرو حوبُها وعقابُها
وسهيل بن عمرو هو كان أحد من عاقده رسول الله ﷺ الصلح، فأما ما ذكر لك رسول الله ﷺ لما افتتحها، لم يقسم مالا، ولم يستعبد أحدا، ولم يغنم أرضًا، فكيف يستعبد من قد منَّ عليه في دمه وماله، فأما أراضي مكة، فإن الناس قد اختلفوا في ترك النبي ﷺ التعرض لها، فمن يذهب إلى أنه افتتحها عنوةً، فقال بعضهم: تركها منة عليهم كمنّته عليهم في دمائهم، وفي سائر أموالهم، وممن ذهب إلى ذلك أبو يوسف ﵀، لأنه كان يذهب إلى أن أرض مكة تجري عليها الأملاك كما تجري على سائر الأرضين.
وقال بعضهم: لم تكن أراضي مكة مما وقعت عليها الغنائم، لأن أرض مكة