وأما ما ذكروه عن أبي برزة ﵁، فلا حجة لهم فيه أيضًا عندنا لأن ذلك الحديث إنما هو فيما رواه حماد بن زيد، عن جميل بن مرة، أن رجلًا باع صاحبه فرسا، فباتا في منزل، فلما أصبحا قام الرجل يسرج فرسه فقال له: قد بعتني، فقال أبو برزة ﵁: إن شئتما قضيت بينكما بقضاء رسول الله ﷺ قال رسول الله ﷺ: "البيعان بالخيار حتى يتفرقا" وما أراكما تفرقتها.
ففي هذا الحديث ما يدل على أنهما قد كانا تفرقا بأبدانهما لأن فيه أن الرجل قام يسرج فرسه، فقد تنحى بذلك من موضع إلى موضع.
فلم يراع أبو برزة ذلك، وقال: ما أراكما تفرقتها، أي: لما كنتما متناكرين أحدكما يدعي البيع، والآخر ينكره، لم تكونا تفرقتها الفرقة التي يتم بها البيع، وهي خلاف ما قد تفرقا بأبدانهما.
ثم بعد هذا فقد وجدنا عن رسول الله ﷺ ما يدل على أن المبيع يملكه المشتري بالقول دون التفرق بالأبدان. وذلك أن رسول الله ﷺ قال:"من ابتاع طعامًا فلا يبيعه حتى يقبضه".
فكان ذلك دليلًا على أنه إذا قبضه حل له بيعه، وقد يكون قابضًا له قبل افتراق بدنه وبدن بائعه.
وقد قال رسول الله ﷺ:"من ابتاع طعامًا فلا يبيعه حتى يستوفيه" وسنذكر هذه الآثار في موضعها من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.