للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن قال قائل: فكيف قصد بالنهي في ذلك إلى الطعام بعينه، ولم يعم الأشياء؟ قيل له: قد وجدنا مثل هذا في القرآن قال الله ﷿ ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ [المائدة: ٩٥] فأوجب عليه الجزاء المذكور في الآية.

ولم يختلف أهل العلم في قاتل الصيد خطأً أن عليه مثل ذلك، وأن ذكره العمد لا ينفي الخطأ، فكذلك ذكره الطعام في النهي عن بيعه قبل القبض لا ينفي غير الطعام.

وقد رأينا الطعام يجوز السلم فيه، ولا يجوز السلم في العروض، وكان الطعام أوسع أمرًا في البيوع من غير الطعام؛ لأن الطعام يجوز السلم فيه وإن لم يكن عند المسَلَّم إليه، ولا يكون ذلك في غيره.

فلما كان الطعام أوسع أمرًا في البيوع وأكثر جوازا، ورأيناه قد نهى عن بيعه حتى يقبض، كان ذلك فيما لا يجوز السلم فيه أحرى أن لا يجوز بيعه حتى يقبض.

فقصد رسول الله وبالنهي إلى الذي إذا نهى عنه دل نهيه عنه على نهيه عن غيره، وأغناه ذكره له عن ذكره لغيره، فقام ذلك مقام النهي لو عم به الأشياء كلها.

ولو قصد بالنهي إلى غير الطعام أشكل حكم الطعام في ذلك على السامع، فلم يدر هل هو كذلك أم لا؟ لأنه يجد الطعام يجوز السلم فيه، وليس هو بقائم حينئذ، وليس يجوز ذلك في العروض، فنقول كما خالف الطعام العروض في جواز السلم فيه، وليس عند المسلم إليه، وليس ذلك في العروض، فكذلك يحتمل أن يكون مخالفا له في جواز بيعه قبل أن يقبض، وإن كان ذلك غير جائز في العروض.