وقد قال رسول الله ﷺ"لا تحل الصدقة لذي مرة سوي" فلم يكن ذلك على معنى أنها تحرم عليه كما تحرم على الأغنياء ولكنها على معنى (١) لا تحل له من حيث تحل لغيره من ذوي الحاجة والزمانة.
فكذلك ما ذكرنا من قول رسول الله ﷺ أيضًا: لا يحل لواهب أن يرجع في هبته، إنما هو على أنه لا يحل له ذلك كما تحل له الأشياء التي قد أحلها الله ﷿ لعباده، ولم يجعل لمن فعلها مثلا كالمثل الذي جعله رسول الله ﷺ للعائد في هبته.
وقد دخل في ذلك العود فيها بالرجوع والابتياع وغيره، ثم استثنى من ذلك ما وهبه الوالد لولده.
فذلك عندنا - والله أعلم - على إباحته للوالد أن يأخذ ما وهب لابنه في وقت حاجته إلى ذلك وفقره إليه، لأن ما يجب للوالد من ذلك ليس بفعل فعله، فيكون ذلك رجوعا منه يكون مثله فيه كمثل الكلب الراجع في قيئه، ولكنه شيء أوجبه الله ﷿ له لفقره، فلم يضيق ذلك عليه، كما قد روي عن رسول الله ﷺ في غير هذا الحديث.
٥٤٢٥ - حدثنا يونس قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم بن مالك، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، أن رجلا أتى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله! إني أعطيت أمي حديقةً، وإنها ماتت، ولم تترك وارثًا غيري،