ففي هذه الآثار من أعمر عمرى له ولعقبه فهي للذي أعمرها، لا يرجع إلى المعطي شرط ولا ثنيا، لأنه أعطى عطاء، وقعت فيه المواريث.
فقال الذين أجازوا الشرط في العمرى بهذا نقول: إذا وقعت العمرى على هذا لم ترجع إلى المعطي أبدا، وإذا لم يكن فيها ذكر العقب فهي راجعة إلى المعطي بعد زوال المعمر، قالوا: وهذا أولى مما روى عطاء، وأبو الزبير عن جابر بن عبد الله لأن هذا قد زاد عليهما قوله "ولعقبه" وليس هو بدونهما والزيادة أولى.
وكان من حجتنا للآخرين في ذلك أنه لو لم يكن روي عن النبي ﷺ في العمرى حديث غير حديث أبي سلمة هذا لكان فيه أكبر الحجة للذين يقولون: إن العمرى لا ترجع إلى المعمر أبدا، ولا يجوز شرطه.
وذلك أن العمرى لا تخلو من أحد وجهين إما أن تكون داخلة في قول النبي ﷺ"المسلمون عند شروطهم" فينفذ للمعمر فيها الشرط على ما شرطه، لا يبطل من ذلك شيء كما تنفذ الشروط من الموقف فيما يوقف أو تكون خارجة من ملك المعمر داخلةً في ملك المعمر فتصير بذلك في سائر ماله ويبطل ما شرط عليه فيها.
فنظرنا في ذلك، فإذا العمرى إذا أوقعت على أنها للمعمر ولعقبه، فمات وله عقب، وزوجة أو أوصى بوصايا، أو كان عليه دين أن تلك الأشياء تنفذ فيها كما تنفذ في ماله، ولا يمنعها الشرط الذي كان من المعمر في جعله إياها له ولعقبه وزوجته ليست من عقبه، ولا غرماؤه ولا أهل وصاياه.