وأما وجه ذلك من طريق النظر فإن الذين قالوا إنه إذا رفع رأسه من آخر سجدة من صلاته، فقد تمت صلاته.
قالوا رأينا هذا القعود قعود التشهد وفيه ذكر يتشهد به وتسليم يخرج به من الصلاة، وقد رأينا قبله في الصلاة قعودا فيه ذكر يتشهد به.
وكل قد أجمع أن ذلك القعود الأول، وما فيه من الذكر ليس هو من صلب الصلاة، بل هو من سننها. واختلف في القعود الأخير، فالنظر على ما ذكرنا أن يكون كالقعود الأول، ويكون ما فيه كما في القعود الأول فيكون سنة، وكل ما يفعل فيه سنة كما كان القعود الأول سنة، وكل ما يفعل فيه سنة، وقد رأينا القيام الذي في كل الصلاة والركوع والسجود الذي فيها أيضا كله كذلك، فالنظر على ما ذكرنا أن يكون القعود فيها أيضا كله كذلك. فلما كان بعضه باتفاقهم سنة كان ما بقي منه كذلك أيضا في النظر.
واحتج عليهم الآخرون فقالوا: قد رأينا القعود الأول من قام عنه ساهيا فاستتم قائما أمر بالمضي في قيامه ولم يؤمر بالرجوع إلى القعود، وقد رأينا من قام من القعود الآخر ساهيا حتى استتم قائما أمر بالرجوع إلى قعوده.
قالوا: فما يؤمر بالرجوع إليه بعد القيام عنه فهو الفرض، وما لا يؤمر بالرجوع إليه بعد القيام عنه فليس ذلك بفرض.
ألا ترى أن من قام وعليه سجدة من صلاته حتى استتم قائما أمر بالرجوع إلى ما قام عنه، لأنه قام فترك فرضا، فأمر بالعود إليه، وكذلك القعود الأخير لما أمر الذي قام