للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أنكرت ما لا ينبغي أن تنكره، فخاطبها بضد المعنى تأنيبًا (١) كما قيل في قوله عزَّ وجلَّ: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}، وكما تقول فيمن كفّ عن السؤال فيما جهله: أمَّا أنت فاستغنيت أن تسأل عن مثل هذا، أي لو أنصفت نفسك ونصحت لها لسألت.

وقال غيره: هو كما يقال للشاعر إذا أجاد: قاتله الله ما أشعره، وأخزاه الله لقد أجاد، ومنه الحديث: "ويل أمه مسعِّر حرب" (٢).

قال أبو (٣) عمر: وهذا كله عندي فرار من الدعاء على عائشة صريحًا (٤)، فإن ذلك غير ممكن من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عندهم.

وأنكر أكثر أهل العلم باللغة والمعاني أن تكون هذه اللفظة بمعنى الاستغناء، وقالوا: لو كانت (٥) بمعنى الاستغناء لقال (٦): أتربت يمينك، أي: افتقرت من العلم. انتهى.

وعلى تقدير هذا القول الأخير: أي افتقرت من العلم، فيكون المراد الخبر لا الدعاء، ويكون معنى افتقرت: أي افتقرت من معرفة هذه المسألة الخاصة. والله أعلم.

وقول أم سليم (٧): إن الله لا يستحيي من الحق؛ ممهد لبسط عذرها، فيما تريد


(١) في التمهيد وفي الاستذكار تنبيهًا وتأنيبًا.
(٢) في الاستذكار (٣/ ١٢٧): وقال غيره هو كما يقال للشاعر إذا أجاد: قاتله الله، وأخزاه، لقد أجاد ويله مسعر حرب وقال: ويل أمه وهو يريد مدحه.
(٣) التمهيد (٨/ ٣٤٠).
(٤) قوله صريحًا ليس في التمهيد وهو في الاستذكار (٣/ ١٢٧) تصريحًا.
(٥) في التمهيد لو كان بدل لو كانت وفي الاستذكار لو كانت كما نقل المصنف.
(٦) في التمهيد لكانت وفي الاستذكار (٣/ ١٢٨) لقال.
(٧) هذا ابتداء كلام ابن دقيق العيد كما في شرح عمدة الأحكام (١/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>