نفس الأمر، وسيأتي الكلام عليه، وذكر ما أعلّه به أبو محمَّد، والجواب عنه في بابه.
وأما احتياطه في ذلك للصلاة المأمور بها الثابتة في الذمة بيقين فمعارض بأن الحائض منتهية عن الصلاة في حال حيضها بيقين، فليس لنا أن نأمرها بإتيان منهي عنه، إلا عن يقين من انتفاء الموانع.
وأما تجويزه أن تكون ضهياء (١) وهي التي لا تحيض فمعارض بأن تكون ممن تحيض ولون دم حيضها واستحاضتها واحدًا.
الثالثة: المعتادة المميزة.
قال ابن شاس: المذهب -يعني مذهب مالك- أنها تعتبر التمييز لحديث فاطمة بنت أبي حبيش، ولأن العادة قد تختلف، والتمييز لا يختلف، ولأن النظر إلى اللون اجتهاد والنظر إلى العادة تقليد؛ والاجتهاد أولى من التقليد.
وقال الغزالي: المعتادة المميزة إن رأت السواد مطابقًا لأيام العادة فهو المراد، وإن أخلفت فإن كانت عادتها خمسة فرأت عشرًا سوادًا ففي وجه الحكم للعادة، وفي وجه الحكم للتمييز، فتُحيّض في عشرة السواد، وفي وجه يجمع بينهما إلا أن يزيد المجموع على خمسة عشر، فتعيّن الاقتصار على العادة أو على التمييز.
الرابعة: المعتادة من غير تمييز، فللمالكيين فيها ثلاثة أقوال:
قول بأنها تقتصر على عادتها كما ذهب إليه الشافعي، وتثبت العادة عندهم بمرة، وهذا القول محكي عن المغيرة وأبي مصعب من أصحاب مالك.
(١) قال الخليل في كتاب العين: "والضهياء من النساء التي لم تحض قط. وقد ضَهِيَتْ تَضْهَى ضَهَى". انظر العين (٤/ ٧٠) مادة ضهي.