للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "إذا استبطنتها فتوضأ واغتسل"، يشير إلى أنها أحاديث متعددة وكلها مستدرك على البغوي، وليس كذلك؛ وإنَّما كله حديث واحد يتضمن أجوبة متعددة، فذكر البغوي طرفًا منه مشيرًا إليه كما هو المعروف من عوايدهم في ذلك.

قال (١): وفي الباب عن عائشة. وهو حديث عائشة قالت: "كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النَّبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فيضع فاه على فيّ" وأتعرق العرق وأنا حائض ثم أناوله النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فيِّ". أخرجه مسلم (٢)، فاقتضى هذا الحديث مؤاكلة الحائض وهو صحيحٌ بتصحيح مسلم إياه، فاعتضد به حديث الباب وارتقى به في مراتب التحسين إلى مرتبة لم تكن له لولاه.

وقد تقدمت الإشارة إلى أن كلام الصَّحيح والحسن والضعيف تتفاوت رتبه في ذلك.

وكذلك حديث أنس الذي أشار إليه وهو عند مسلم (٣) أيضًا: "أن اليهود كانوا إذا حاضت فيهم المرأة لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - النَّبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ...} إلى آخر الآية. فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اصنعوا كل شيءٍ إلَّا النكاح" (٤).

وهذا ممَّا أجمع (٥) النَّاس عليه، وقد تقدم في الباب قبل هذا الخلاف فيما يباح


(١) أي التِّرمذيُّ كما في الجامع (١/ ٢٤٠).
(٢) في صحيحه كتاب الحيض (١/ ٢٤٥، ٢٤٦) برقم ٣٠٠ باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وطهارة سؤرها والاتكاء في حجرها وقراءة القرآن فيه.
(٣) في صحيحه كتاب الحيض (١/ ٢٤٦) برقم ٣٠٢.
(٤) صحيح مسلم كتاب الحيض (١/ ٢٤٦) برقم ٣٠٢.
(٥) انظر شرح صحيح مسلم للنووي (٣/ ١٩٥) و (٣/ ١٩٧، ١٩٨) وفيه عبارة النووي حرفيًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>