للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة وليس بفرض، قالوا: ومن صلى بثوب نجس أعاد في الوقت، فإن خرج الوقت فلا شيء عليه. وقال مالك في يسير الدم: لا تعاد منه الصلاة في وقت ولا بعده، وتعاد من يسير البول والغائط، ونحو هذا كله من مذهب مالك قول الليث بن سعد.

ومن الحجة (١) لمن جعل غسل النجاسة سنة ما روينا من طريق أبي (٢) داود، نا موسى بن إسماعيل، نا حماد بن سلمة (٣)، عن أبي نعامة السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل الصلاة ونعلاه في رجليه ثم خلعهما فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال لهم: "لم خلعتم نعالكم؟ " قالوا: لما رأيناك خلعت خلعنا، قال: "إنما خلعت نعلي لأن جبريل أخبرني أن فيهما قذرًا".

ففي هذا الحديث ما يدل على أن غسل القذر ليس بواجب، ولا كونه في الثوب بمفسد للصلاة، لأنه لم يذكر إعادة.

وقال الشافعي: قليل الدم والبول والعذرة وكئير ذلك كله سواء، تعاد منه الصلاة أبدًا إلا ما كان نحو دم البراغيث وما يتعافاه الناس؛ فإنها تفسد (٤) الثوب ولا تعاد منه الصلاة.

ونحو قول الشافعي في هذا قال أبو ثور وأحمد بن حنبل، إلا أنهما لا يوجبان غسل الدم حتى يتفاحش، وهو قول الطبري، إلا أن الطبري قال: إن كانت النجاسة قدر الدرهم أعاد الصلاة، ولم يَحُدَّ أولئك شيئًا، وكلهم يرى غسل النجاسات فرضًا.


(١) هذا كلام ابن عبد البر في الاستذكار (٣/ ٢٠٨ - ٢٠٩) وكذا التمهيد (٢٢/ ٢٣٨).
(٢) السنن كتاب الصلاة (١/ ٤٢٦ - ٤٢٧) برقم ٦٥٠ باب الصلاة في النعل.
(٣) ووقع في السنن ابن زيد، كذا في طبعة الدعّاس والعون، وفي نسخة عوامة مهملًا وكذا عن العيني، وأشار في الشرح إلى أنه ابن سلمة وهو الصواب، إذ الذي يروي عن أبي نعامة إنما هو حماد بن سلمة، وابن زيد فليس من الرواة عنه.
(٤) في التمهيد لا يفسد الثوب وهو المناسب للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>