أَسافل الإنسان، وقدروه بأخرة الرَّحل، وهي نحو ثُلثي ذراع فإنْ زاد ما بينه وبينه على ثلاثة أَذرع، أو قَصُر الحائل عن أُخرة الرحل، فهو حرام كالصحراء، إلا إِذا كان في بيت بُني كذلك فلا حجر فيه كيف كان، قالوا: ولو كان في الصحراء، وتستر بشيء -على الشرط المذكور-، زال التحريم، فالاعتبار بوجود الساتر المذكور وعدمه، فيَحِلُّ في الصحراء والبنيان، بوجوده، ويَحرُم فيهما بعدمه، هذا هو الصحيح، المشهور عند أَصحابنا.
ومن الأصحاب من اعتبر الصحراء والبنيان مطلقًا، ولم يعتبر الحائل؛ فأباح في البنيان بكل حائل، وحرّم في الصحراء بكل حائل، والصحيح الأول وفرعوا عليه، فقالوا: لا فرق بين أن يكون الساتر: دابة أو جدارًا أو وهدة أو كثيب رمل أو جبلًا، أو أرخى ذيله مقابل القبلة، ففي حصول الستر وجهان لأصحابنا أصحهما -عندهم-، وأشهرهما: أنه ساتر، لحصول الحائل، والله أعلم.
قال ابن عمر:"رقيت يومًا على بيت حفصة"، قال بعض أهل العلم: هذا الرقي من ابن عمر، الظاهر منه، أنه لم يكن عن قصد الاستكشاف، وإنما كان لحاجة غير ذلك.
ويحتمل أن يكون ليطلع على كيفية جلوس النبي - صلى الله عليه وسلم - للحدث، على تقدير أن يكون قد استشعر ذلك وأنه تحفظ من أن يطلع على ما لا يجوز له، وفي هذا الثاني بعد، والله أعلم.