للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطهرًا كالماء.

وأما أبو حنيفة فاستدل على إزالة النجاسة به وبكل ماخ طاهر بما روي عن أم سلمة (١) أنها قالت: يا رسول الله إني امرأة أطيل ذيلي وأجره في المكان القذر، فقال - عليه السلام -: "يطهره ما بعده"، ومعلوم أن ليس بعده إلا التراب، فدل على أن لغير الماء مدخلًا في تطهير النجاسة.

ولما ذكرناه أن عائشة رضي الله عنها أصاب ثوبها دم فبلته بريقها وقصعته فدل على أن الريق مزيل للنجاسة.

وقالوا: ذكر الماء في قوله: "حتيه ثم اغسليه بالماء" تقييد باللقب لا يدل على نفي الحكم عما عداه.

وذكروا عدة من الأقيسة الشبهية لا حاجة بنا لذكرها وتكلف عنها لضعف ذلك كله.

فأما حديث أم سلمة وقوله فيه: "يطهره ما بعده"؛ فالجواب عنه: أن ذلك إشارة إلى غير النجاسة أو إلى نجاسة يابسة بدلالة أن النجاسة الرطبة لا تطهر بالدلك اتفاقًا.

وأما حديث عائشة فمحمول على أحد أمرين:

إما أنها فعلت ذلك لتلين النجاسة بريقها ثم تغسلها بدليل أن الريق لا يزيل النجاسة. وإما محمول على نجاسة يسيرة يعفى عن مثلها، وهو الأظهر بدليل أن فيه: "ثم ترى فيه قطرة من دم"، وكذلك لفظ حديث أم سلمة في معناه أيضًا: "إن إحداهن تسبقها القطرة من الدم" فالدم في كلا الحديثين موصوف بأنه قطرة، وهذا


(١) سبق الكلام عليه عند باب ما جاء في الوضوء من المَوْطَن.

<<  <  ج: ص:  >  >>