والوقت أول فرائض الصلاة لأنه لا يلزم الوضوء لها إلا بعد دخول وقتها، والمتوضئ قبل الوقت متبرع مبادر إلى فضل ومتأهب لفرض، ومن الدليل على أن الأوقات من فرائض الصلاة مع ما ذكرناه من الأحاديث والإجماع قول الله تعالى:{أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا}. قال مالك رحمه الله: أوقات الصلوات في كتاب الله تعالى قوله تعالى: {أقم الصلاة لدلوك الشمس}؛ يعني: الظهر والعصر، {إلى غسق الليل}؛ يعني: المغرب والعشاء، و"قرآن الفجر"؛ يعني: صلاة الفجر.
وقد قال ذلك قبله جملة من العلماء بتأويل القرآن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم.
وقوله:"حتى كان الفيء مثل الشراك": أما الظل والفيء فقال ابن قتيبة: يتوهم الناس أن الظل والفيء بمعنى، وليس كذلك بل الظل يكون غدوة وعشية ومن أول النهار إلى آخره، ومعنى الظل الستر، ومنه قولهم: أنا في ظلك، وظل الليل سواده لأنه يستر كل شيء، وظل الشيء ما يستر به من الشخوص من مسقطها وأما الفيء فلا يكون إلا بعد الزوال، ولا يقال لما قبل الزوال فيء، وإنما قيل لما بعد الزوال فيء لأنه ظل فاء من جانب إلى جانب أي رجع، والفيء الرجوع (١).
وقال ابن سيده: الفيء ما كان شمسًا فنسخه الظل، والجمع أفياء وفيوء، وفاء الفيء فيئًا تحول، وتفيأ فيه تظلل، وتفيأت الشجرة وفاءت كثر فيؤها، والمفيؤة: موضع الفيء جاءت على الأصل وحكى الفارسي عن ثعلب المفيئة فيها، والمفيوء المعتوه لزمه هذا الاسم من طول لزومه الظل، وفيأت المرأة شعرها الريح مرة هنا ومرة هنا. تفيء الزرع والشجر تحركهما.