للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون الأمر بالإسفار في الليالي المقمرة فإنه لا يتحقق فيها الفجر إلا بالاستظهار في الإسفار، وذكر الخطابي أنه يحتمل أنهم لما أمروا بالتعجيل صلوا بين الفجر الأول والثاني طلبًا للثواب، فقيل لهم: صلوا بعد الفجر الثاني وأصبحوا بها فإنها أعظم لأجركم.

فإن قيل: لو صلوا قبل لم يكن فيها أجر، فالجواب أنهم يؤجرون على نيتهم وإن لم تصح صلاتهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر".

وقال أبو جعفر الطحاوي: إنما تتفق معاني آثار هذا الباب بأن يكون دخوله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الصبح مغلسًا ثم يطيل القراءة حتى ينصرف عنها مسفرًا. وهذا خلاف قول عائشة لأنها حكت أن انصراف النساء كن وهن لا يعرفن من الغلس، ولو قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسور الطوال ما انصرف الناس إلا وهم تجد أسفروا ودخلوا في الإسفار جدًّا، ألا ترى إلى أبي بكر رضي الله عنه حين قرأ البقرة في ركعتي صلاة الصبح، فقيل له: كادت الشمس تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين. رواه ابن عيينة وغيره عن ابن شهاب عن أنس: أنه صلى خلف أبي بكر ... فذكره. وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج؛ قال: قلت لعطاء: أيّ حين أحب إليك أن أصلى الصبح إمامًا وخلوًا؟ قال: حين ينفجر الفجر الآخر، ثم تطول في القراءة والركوع والسجود حتى ينصرف منها وقد ينبلج النهار وتتام الناس.

قال: ولقد بلغني أن عمر بن الخطاب كان يصليها حين ينفجر الفجر الآخر وكان يقرأ في إحدى الركعتين سورة يوسف.

وروى الطحاوي من حديث وهب بن جرير عن شعبة، عن عبد الله بن ميسرة، عن زيد بن وهب؛ قال: صلى بنا عمر صلاة الصبح فقرأ ببني إسرائيل والكهف حتى جعلت أنظر إلى جدار المسجد هل طلعت الشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>