للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في معنى هذا الحديث؛ فمن العلماء من حمله على ظاهره، وقال هو لسان مقال محقق، وشكوى محققة، وتنفس محقق، إذ هو إخبار من الصادق بأمر جائز فلا يحتاج إلى تأويله، ومنهم من قال: بل خرج هذا مخرج التشبيه والتقريب، أي كأنه نار جهنم في الحر وتكون هذه الشكوى وهذه المقالة لسان حال كما قال:

شكا إلي جملي طول السرى ... صبرًا جميل فكلانا مبتلى

والأول أولى لأنه حمل اللفظ على حقيقته ولا إحالة في شيء في ذلك.

وقوله: "حتى رأينا فيء التلول"، قد تقدم تفسير الفيء، والتلول: جمع تل، وهي الروابي في ظلها لا يظهر إلا بعد تمكن الفيء واستطالته جدًّا يملآن الأشياء التي يظهر ظلها سريعًا في أسفلها لاعتدال أعلاها وأسفلها.

وفي الحديث دليل على أن النار قد خلقت وأنها موجودة لما قالته المعتزلة وبعض أهل البدع أنها تخلق في القيامة.

وقد تقدم في الباب قبل هذا أول وقت الظهر، والكلام على آخر وقت الظهر سيأتي في هذا الباب الذي نحن فيه.

وأما آخر وقت الظهر فهو إذا صار ظل الشيء مثله غير الظل الذي يكون له عند الزوال.

وإذا خرج هذا دخل وقت العصر متصلًا به، ولا اشتراك بينهما، هذا مذهبنا، وبه قال الأوزاعي والثوري والليث وأبو يوسف ومحمد وأحمد.

وقال عطاء وطاوس: إذا صار ظل الشيء مثله دخل وقت العصر وما بعده وقت للظهر والعصر على الاشتراك حتى تغرب الشمس.

وقال إسحاق بن راهويه وأبو ثور والمزني وابن جرير: إذا صار ظله مثله فقدر أربع ركعات بعده وقت للظهر والعصر، ثم يتمحص الوقت للعصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>