والعصر في أول وقتها، فصار صورته صورة جمع وليست بجمع.
وأما من قال: لعله جمع لعذر إما مطر أو مرض فضعيف؛ لأن السفر ممتنع، إذ الجمع بالمدينة والمطر والخوف كذلك منصوص على بقية الحديث، وأما المرض فقوة الكلام تنفيه لما يفهم من نفي المطر والخوف والسفر أن ما هو في معناها من المرض عند من يقول به منتفٍ أيضًا لأن مراد الراوي أن الجمع كان لغير عذر، وما ذكره من الأعذار فعلى سبيل المثال نفيه يدل على نفيها، وكما تأولناه من تأخير الظهر وتقديم العصر تأوله أبو الشعثاء وعمرو بن دينار صاحبا ابن عباس راويه، وهما أسعد بفهمه عن ابن عباس ممن بعدهم.
وأما الإبراد بالصلاة ففيه مسائل.
الأولى: قال القاضي عياض رحمه الله: ذهب قوم من أهل العلم إلى أن حديث الإبراد ناسخ لما جاء بخلافه من صلاة الظهر بالهاجرة وما في معناه، وقال بعضهم: ليس بناسخ وإنما هو رخصة لمن لم يرد الأخذ بالأفضل.
الثانية: شروطه: قال القاضي أبو بكر بن العربي: وهي ثلاثة: الأول: أن يصلي في مسجد جماعة، الثاني: أن يكون في شدة الحر، الثالث: أن يكون المسجد منتابًا من موضع بعيد.
وطردوه في جماعة هم في موضع لا يأتيهم إليه أحد، وفيمن يمكنه المشي إلى المسجد في ظل، وفيمن صلى في بيته منفردًا.
والأصح المنصوص أنهم كلهم لا يبردون بل يشترط الشروط الأربعة.
وقال الأثرم: قلت لأحمد: أي الأوقات أحب إليك في الصلوات كلها؟
قال: أولها، إلا في صلاتين، في العشاء الآخرة، والظهر في شدة الحر.