للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأما في الشتاء فيعجل بها.

فهذا (١) لم يشترط إلا شدة الحر كما حكاه الترمذي.

وعن ابن المبارك وإسحاق (وذكره)، واستدل عليه بحديث أبي ذر، وإذا لم يثبت نص بهذه الشروط فأكثر ما فيها أنها تخصيص للنص بالمعنى.

وقد ذكر أبو عمر عن الشافعي أنه روى عنه: أن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإبراد كان بالمدينة لشدة حر الحجاز، ولأنهم لم يكن بالمدينة مسجد غير مسجده يومئذ، وكان ينتاب من بعد فيتأذون لشدة الحر؛ فأمرهم بالإبراد لما في الوقت من السعة، فهذا نظر إلى المعنى الذي نبه عليه في الشروط التي اشترطها، ولم يقف عند عموم قوله - عليه السلام -: "إذا اشتد الحر فأبردوا"، ولو سلم له هذا المعنى لكان حسنًا، لكن لقائل أن يقول: لعل المعنى المقتضي للإبراد هو ما يجدونه من حر الرمضاء في جباههم حين السجود، فكان مقتضى الإبراد ذلك، أو يكون كل منهما جزء علة، فلا يستقل الأول بالتعليل، لا سيما وقد وجدنا في الحديث الذي اتفقا على إخراجه (٢) من حديث بكر المزني عن أنس قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالظهائر جلسنا على ثيابنا اتقاء الحر.

ورواه أبو عوانة، فقال: فسجدنا، بدل: فجلسنا.

وفي حديث جابر: كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر، فآخذ قبضة من حصى في كفي أبرده، ثم أحوله في كفي الأخرى، فإذا سجدت وضعته لجبهتي.

أخرجه أبو العباس السراج في "مسنده".

وكذلك قول أنس في الحديث الصحيح عنه أيضًا: فإذا لم يستطع أحدنا أن


(١) كذا، ولعلها: فهنا.
(٢) البخاري (٥٤٢) ومسلم (٦٢٠) وعندهما: ذكر السجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>