للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه.

فهذا وما أشبهه هو المنقول عنهم، فناسب أن يكون هو العلة، ولم نجد عنهم أنهم شكوا مشقة المسافة، ولا بعد الطريق فيقال به.

وإذا لم يصلح ذلك للتعليل كان ما رواه البويطي أولى.

ولو علل بفتح جهنم في ذلك الوقت كما جاء منصوصًا عليه في الخبر، منسوقًا بفاء التعليل: "فأبردوا؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم"، ومثله حديث عمرو بن عبسة في الساعات المنهي عن الصلاة فيها، وفيه: "فإذا اعتدل النهار قصر ... (١) عن الصلاة فإنها ساعة تسجر فيها جهنم" لكان أولى من كل ما سبق إذ هي العلة المنصوص عليها من صاحب الشرع.

فإن قيل: كان يلزم التأخير في شدة البرد أيضًا، إذ هو من تنفس جهنم؟

فالجواب: إن شدة البرد في زمن الشتاء ليست وقت الظهر بل وقتها أقل الأوقات بردًا، وإنما مظنة البرد السحر، ثم هو يقوى مع الإسفار حتى ترتفع الشمس، ويخرج الوقت ولا ينتهي الأمر بالإبراد إلى هذا الحد.

وأما أصحاب مالك فاشترطوا الجماعة، واختلفوا في المنفرد؛ هل يبرد أو لا؟ وهذا أيضًا تخصيص بالمعنى، عند من لا يرى للمنفرد أن يبرد، إذ من المعلوم أن العادة حينئذ عندهم ... صلاتهم ... إقامتها في الجماعة، إلا لضرورة ... ، والائتمام بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لمن تعذر عليه ذلك.

الثالثة: هل يختص الإبراد بالظهر أو لا؟

قال القاضي عياض: ولم يقل أحد بالإبراد في غير صلاة الظهر إلا أشهب،


(١) كلمة غير واضحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>