للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهب ثلث الليل.

وأما الثاني فلحديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل". لفظ مسلم، وقد تقدم.

واختلف المصنفون في أصح القولين، فقال القاضي أبو الطيب: صحح أبو إسحاق المروزي كونه نصف الليل، وصحح أصحابنا ثلث الليل، وممن صحح ثلث الليل البغوي والرافعي وغيرهما، وممن صحح كونه نصف الليل الشيخ أبو حامد والمحاملي وسليم في "رؤوس المسائل" وغيرهم، هذه طريقة جمهور الأصحاب في وقت الاختيار أن فيه قولين كما ذكرنا.

وانفرد صاحب "الحاوي" فقال: فيه طريقان: أحدهما: فيه قولان كما سبق وهذه طريقة الجمهور، والثانية: هي طريقة ابن سريج ليست على قولين، بل الأحاديث واردة بالأمرين والنصان للشافعي محمولان على حال الابتداء والانتهاء، فالمراد بالثلث أنه آخر وقت الابتداء، والمراد بالنصف أنه آخر وقت الانتهاء.

وهذا الطريق غريب، والمختار ثلث الليل، فإذا ذهب وقت الاختيار بقي وقت الجواز إلى طلوع الفجر الثاني، هذا هو المذهب نص عليه الشافعي.

وقال أبو سعيد الإصطخري: إذا ذهب وقت الاختيار فاتت العشاء ويأثم بتركها وتصير قضاءً. وهذا الذي قاله أحد احتمالين حكاهما القفال في "شرح التلخيص" عن أبي بكر الفارسي. وقال الشافعي في باب استقبال القبلة: إذا مضى ثلث الليل فلا أراها إلا فائتة. فمن الأصحاب من وافق الإصطخري لظاهر هذا النص وتأوله الجمهور.

وقال القاضي أبو الطيب: قال أصحابنا: أراد الشافعي أن وقت الاختيار فات دون وقت الجواز، لأن الشافعي قال في هذا الكتاب: إن المعذورين إذا زالت أعذارهم قبل الفجر بتكبيرة لزمتهم الغرب والعشاء، فلو لم يكن وقتًا لهم لما لزمتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>