للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبسك عن أضيافك؟ فجرى بينه وبين أهله من المراجعة ما جاء في الحديث، رواه البخاري في كتاب الصلاة والاستدلال بهذا الحديث والحديث الذي قبله على هذا المراد أولى من الاستدلال بحديث عمر لأن هذا الحديث والذي قبله اقتضى أن ذلك كان بعد صلاة العشاء محققًا، وأما حديث عمر فليس فيه أكثر من أنه كان يسمر مع أبي بكر، وكذلك حديث أوس بعد العشاء الحوالة فيه على محذوف مقدر، فإما أن يكون بعد صلاة العشاء فيتم له المراد، وإما أن يكون بعد وقت العشاء، ولكن في هذا كله بعد، والحمل فيه على المعتاد أظهر.

وقوله: وروي عن النبي في أنه قال: "لا سمر إلا لمصلٍّ أو مسافر"، تقدم تخريجه في الباب قبل هذا من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فكراهة النوم قبل العشاء من باب المحافظة على صلاة العشاء كما سبق، وكراهة الحديث بعدها من باب المحافظة على صلاة الصبح والخشية من نقص يرد على مؤديها من تأخير أو ما أشبه ذلك، والذي صير المباح في هذا الباب مكروهًا المخاطرة وركوب الغرر لغير معنى ولا أجر يرتجي، وذلك أن السهر في قراءة القرآن أو سماع حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أو السلف الصالحين أو مع الضيف المشروع إكرامه بمحادثته ... : إن الحديث جانب من القرى أو ما أشبه ذلك سهر، وحديث يترتب عليه أجر فارتكاب الغرر لأجله قريب، والسهر في غير ذلك من المباح وقوع في مخاطرة لا يترتب عليها شيء فناسب أن يكون مكروهًا ليس المغرِّر محمودًا وإن سلما.

[وأحسن من هذا كله قول من قال في كراهة الحديث بعد العشاء، والصلوات كفارات لما بينهن من الصغائر فاستحسن لمن ختم عمله بما كفر خطايا يومه أن لا ينشئ بعد ذلك حديثًا يمكن أن يوقعه في محذور، ومكفرات يومه من الصلوات قد انقضت ولتكون الصلاة خاتمة لعمل يومه] (١).


(١) من نسخة السندي.

<<  <  ج: ص:  >  >>